ضميرا يربط بينها وبين .... مثل ابن عرفة : في المفتوحة إنها جميع ما بعدها في قراءة المفرد فإنما المعنى (الَّذِينَ كَفَرُوا) أملأنا الخير لهم ، وهذا لا يجوز ؛ لأن الإملاء بمعنى ، (الَّذِينَ كَفَرُوا) ذات معنى لا يكون خبرا عن الذات ، ثم عقبه بقوله (عَذابٌ مُهِينٌ) ، لأن الإملاء فيه باعتبار الظاهر رفعة لهم لأجل إمهالهم ونيلهم شهواتهم ولذاتهم الدنيوية فناسب لفظ المهانة والزلة ، وأيضا فهو نقيض الطول كما أن الإملاء مشعر بالطول.
قوله تعالى : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ).
ابن عرفة : هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب وليس بالتفات ويكون المراد بالمؤمنين جميع من آمن به ومن سيؤمن من إلى قيام الساعة ، وكان تقدم لنا في هذه الآية فيه سؤالان ؛ لأن الخبيث فالإعجاب بالكثرة يدل على ما كثر من الطيب ، والقاعدة أن القليل هو الذي يميز من الكثير ، فهلا قيل : (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
السؤال الثاني : نقول إن الآية على صحة أبي حنيفة في أن الأصل في الناس العدالة ؛ لأن العميد قال في الصورة المفردة إذا أشكل علينا بتعينها لأحدى نوعين الجملة بالتعيين فإنا نحملها بأكثر النوعين ، وفي مذهبنا أن الصفقة إذا احتملت الصحة والفساد فإنها تحمل على الصحة ما لم يكن الفساد في الناس أغلب ، فإنها تحمل وقد ثبت بهذه الآية أن الطيب أكثر من الخبيث ؛ لأن القليل هو الذي يميز من الكثير فينتج أن العدالة في الناس أكثر من الجرح ، فمن شككنا فيه أضفناه إلى الأكثر وحكما الأصل في الناس العدالة كما قال أبو حنيفة.
والجواب عن الأول أن قوله تعالى : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [سورة المائدة : ١٠٠] في سياق الشرط ، فيدل على فرض وقوعه وتقديره لا على أصوله وثبوته وتحقق وجوده بالفعل يقول : لم يقم زيد ، ويقول : لو قام زيد لأكرمته فلا يتنافيان فيكون الخبيث أكثر عن واقع بل مقدر للوقوع.
والجواب عن السؤال الثاني : أن قولهم : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) خطاب للصحابة وكلهم عدول ، فالأصل أن ذاك في الناس العدالة.