قوله تعالى : (يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ).
عداه بفي دون الباء للمبالغة في دخولهم في الكفر ، فهو مثل (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) [سورة الأنبياء : ١٠٣] ؛ لأنهم إذا لم يحزنهم الفزع الأكبر فأحرى ما دونه وكذلك هنا.
قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ).
إشارة لحرمانهم من دخول الجنة ولا يلزم منه تعذيبهم ، فقوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) تأسيس.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً).
جعلهم باعوا [٢٢/١٠٩] الإيمان ولم يكن تحصل لهم بوجه إما لظهور دلائله ووضوحه فهو حاصل لهم ، وإما لحديث : كل مولود يولد على الفطرة" ، أو لأن من حضر في شيء ... فكأنهم اختاروا الإيمان وانتقلوا عنه بعد الكفر ، وقال في الأولى : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) لأن كفرهم أشد لقوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) وهم سارعوا إليه قبل غيرهم وهؤلاء كفروا بعد نور أو تأمل فناسب أن الأولين لهم عذاب عظيم ، وهؤلاء دون ذلك ؛ لأن العظيم أعظم من الأليم.
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ).
قال أبو حيان : على قراءة الخطاب يكون (الَّذِينَ) مفعول ، وإنما يدل مثلها في قول بعضهم لبعض ، فرده ابن عرفة : بأن بعضهم بدل وفرق مفعول بأن ، وهنا ليس ثم ما يكون مفعولا ، وأعربه الطيبي إنما بمعنى بدل لهم وبدل من الذين وجد أن سدّها مسد المفعولين ، قيل : قال ابن عطية : قرئ على أبي الفارسي : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما) بفتح (أَنَّما) لا تكون مفعولا ثانيا ، والمفعول الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى وليس هم نفس الإملاء.
ابن عرفة : إلا أن يجعله مثل (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) [سورة البقرة : ١٧٧] أي ذوي البر منها ، أو البر من آمن ، وأنشد سيبويه :
وكيف بحال من أصبحت |
|
حالته كأبي مرحب |
أي كحالة أبي مرحب ، فالمعنى هنا (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال بعض الطلبة : إنما ذلك حيث يكون جملة الخبرية من ضمير يعود على المبتدأ أما إذا كان فيه