فقيل : باعتبار كثرة الدلائل ، وقيل : باعتبار الأعمال ، وقيل : باعتبار نزول السور والأحكام شيئا فشيئا فمنهما ورد على شيء منها آمن به ، وقال أبو المعالي : الإيمان عرض لا يبقى زمانين فخلف بعضه بعضا.
ابن عرفة : والتحقيق أن القدر المجزى منه لا يزيد ولا ينقص ، والإيمان الكامل يزيد وينقص ، قيل له : القول زيادة معلومة ، وفي نسخة ملزومة لاجتماع الأمثال في محل واحد فقال : قد قال إمام الحرمين : إنه عرض لا يبقى زمانين فلا يجتمع الأمثال بوجه قال : والآية تدل على أن الزيادة في نفس الإيمان لا باعتبار الأعمال ؛ لأن حين هذا كانوا جلوسا غير منتصبين للقتال ، فزادهم ذلك خشية وإيمانا وقرة في الاعتقاد القلبي ، ثم بعد ذلك تحركوا للخروج والمبارزة ، وحكى ابن عطية : أن المسلمين تحرجوا من الخروج ، ومحكي في السير أنهم اختلفوا فمنهم من عزم على الخروج وهان عليه ، ومنهم من شق ذلك عليه.
قوله تعالى : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ).
أبو حيان : إن أريد الشيطان بنفسه فهو إما علم لإبليس أو صفة ؛ لأن الوصف العلم قد يخرج على .... سماع الصفة.
قوله تعالى : (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ).
قيل : المعنى يخوفكم أولياءه ، وقيل : يخوف أولياءه من أشياء.
ابن عرفة : وعلى الثاني يكون فلا تخافوهم التفاتا وفيه بعد ؛ لأنه لا يلتفت من الغيبة إلى الخطاب إلا قصد الإقبال على المخاطب ، وهؤلاء منافقون فيهم مبعدون مطرودون ، وإن أريد بالخطاب المؤمنون فظاهر لكن يجيء فيه تفكيك الضمائر ، والمعنى فلا تخافوهم وتقعدوا عن الخروج وخافوا وأخرجوا إلى القتال (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ).
تأسيس على أن الخطاب يكون للمنافقين وتأكيد على أنه للمؤمنين.
قوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ).
من باب وأريتك ههنا إلا في باب لا يعم ؛ لأن النهي بها للفاعل ، وفاعل الأحزاب غير من خوطب فالمعنى لا تحزن فيحزنك.