ورد في الحديث" ألا لأعرفن أحدكم يأتي ببعير له رغاء ، وبقرة لها خوار ، وشاة لها يعار ، فيقول يا محمد ، فأقول لا أملك من الله شيئا" الزمخشري : وعن بعض حفاة الأعراب ، أنه سرق فألجمه مسك فتليت عليه الآية ، فقال : إذا أحملها عليه الريح خفية الحمل ، قال الطيبي : هذا فيه كفر.
قال ابن عرفة : إذا كانت البقرة لها خوار والبعير له رغاء ، فتكون أيضا نافخة المسك ثقيلة منتنة.
قوله تعالى : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ).
عام في الفعل ، فيقول : الكاسب ومكسوبه من خير وشر ، وهم لا يظلمون ، فلا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم.
قوله تعالى : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ).
قال أبو حيان : هذا يدلك على أن فعل الجزاء التركيب في العطف بالفاء والهمزة ، أن المعطوف عليه مقدر قبل الهمزة.
قال ابن عرفة : لا دليل فيها بل التقدير فيها استواء الطائع والعاصي ، (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ)(١)(اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) [٢١/١٠٧ و] وتكون الهمزة كهمزة (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) ، فإن قلت : هلا قيل : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) كما قيل : (بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ) أو يقال : (بِسَخَطٍ) بالإضافة كما قيل : (رِضْوانَ اللهِ) فأجيب بوجهين :
الأول : قيل لابن عرفة : أضيف الرضوان إلى الله تشريفا ، وفعل السخط منه تأدبا وتعظيما لله تعالى في إضافته إليه وإبعاد الشر عنه ، كما قال الله تعالى : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) [سورة الشعراء : ٧٨] ، ثم قال : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [سورة الشعراء : ٨٠] ، ولم يقل : وإذا أمرضني مع أن الكل من فعله وخلقه.
الوجه الثاني : قال ابن عرفة : إنما الجواب أن تنكير السخط للتعظيم ، أي ليس من اتبع أدنى شيء من رضا الله تعالى ، (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ) عظيم من الله فأحرى من اتبع أعلى الرضا ، قيل له : ينتفي (كَمَنْ باءَ) بأدنى السخط فقال : الآية إنما خرجت مخرج التنفير والوعظ ، فالمناسب التقليل في جانب الرضا ، بمعنى أن قليلة لا يقارب عظيم
__________________
(١) لم يوردها المصنف في نص الآية.