السخط ولا يدانيه ، فهو نفي تشبيه ، قلنا أو يقال : أن أدنى السخط ، وإن قل فهو من العظيم عظيم فيستوي في حقه أقل السخط ، وأعلاه بخلاف الرضا.
قوله تعالى : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ).
قال الطيبي : عائد على المؤمنين ، وقيل : عائد على النوعين ، وغلب لفظ الدرجات على الدركات ، فإن قلت : هلا عاد على الكافرين فهو أقرب ، فأجاب الفخر بوجهين :
الأول : أن الكافرين ذكرت عاقبتهم ، فقيل : مأواهم جهنم ، ولم يقل : يذكر للمؤمنين شيء.
الثاني : إن لفظ الدرجات خاص بأهل السعادة ، والمناسب للكافرين الدركة لا الدرجة ، وقوله (عِنْدَ اللهِ) هي عندية مكانة لا مكان ، وجعلوه على حذف مضاف من الثاني : أي هم ذو درجة.
ابن عرفة : وإن شئت قدرته بالأول ، أي منازلهم درجات.
قوله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
ابن عرفة : المن يطلق بمعنى التذكير بالنعمة ، ويطلق على التفضل بالنعمة ، وهو المراد هنا.
ابن عرفة : وفي الآية حجة لأهل السنة في أن بعثه الرسل محض تفضل من الله تعالى ؛ لأنها واجبة عليه ، لقوله تعالى : (مَنَ) والمن الفضل بالنعمة فرده عليه بوجهين :
الأول : قوله (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) والرسول مبعوث للجميع ، فقال المن على المؤمنين باعتبار مآلهم وعاقبة أمرهم في الآخرة.
الثاني : قوله تعالى : (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فالمن عليهم بكون الرسول منهم لا في نفس بعثته ، فقال : قرئ (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) بالفتح والضم ، فكان بعضهم يصوب الفتح ، فإن فيه إعظاما لقدره صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وإعلاما بشرفه ، وعلو منزلته ، وكان بعض المحققين يصوب الضم ، ويقول : هو أقرب لمقام التوحيد ، فإن قلت : قد قال تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) فعبر بلفظ دون لفظ الرسول ، وعبر هنا بلفظ الرسول فما السر في ذلك؟ فالجواب : أن تلك في مقام الصبر والتخويف ، فإذا نفوا عنه من