المستقبل ، فقيل : هذا تنبيه على ظفرهم بعدوهم في الحال والاستقبال ، أي إن ينصركم الله على عدوكم انتصرتم عليه في الحال ، ولا يغلبكم بعد ذلك أحدا ، إن الله معكم ، فذكر ظفرهم بعدوهم في الاستقبال بالطائفة وفي الحال باللزوم ، وتقدير الثاني : وأن تخذلكم هزمتم ، (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) ، وأجيب : أيضا بأن نصرة الله بأحد الوجهين : إما بأن يغلبوا عدوهم ، وإما بممانعة حتى يساوونه ولا يغلبهم أحد ، وذلك إذا كان أكثر منهم ، وأشد قوة ، وهم في غاية الضعف ، فينصرهم الله عليهم ، بمعنى أنه يمنعهم من غلبتهم ، وإن قلت في الثاني : (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) فلا ناصر لكم ، فالجواب : إذا كان المخاطب موافقا على ما خوطب به ، فيؤتى بخطابه بحرف الاستفهام.
قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ).
قرئ يغل ، وهو من الغلول ، بمعنى الخيانة في الغنيمة وغيرها ، وقرئ يغل وهو من غل يغل ، وهو من الغل ، بمعنى الحسد والحقد ، وحكى ابن عطية عن الضحاك ، أن سبب نزولها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث طلائع في بعض غزواته ، ثم غنم قبل مجيئهم ، فقسم للغانمين ، ولم يقسم للطلائع فأنزل الله هذه الآية عليه منا باله فصرفه عن الجبال معنى ، والتقديرية للجهات وهذا قبيح ، ومبادرته لما فيه من التعرض لمقامه والمناقضة ، لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [سورة النجم : ٣].
ابن عرفة : والصواب عندي فيه آخر ، وهو أن يبقي على حقيقته ، ويكون المراد أن جميع ما صدر منه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ليس بغلول ؛ لأنه شرع في أفعاله كلها ، لا غلول فيها بوجه ، وإن كان ظاهرها الغلول لمن أراد ، ويمنع منهم من رد قراءة يغل يعني ، ما كان له أن يصور فإلا ، أي لا ينبغي أن يعتقد فيه الغلول بوجه.
ابن عرفة : ويصح العكس ، وهو رد يغل إلى يغل ، ويكون فعل على حذف مضاف ، وما كان لتابعي النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أن يغل فإذا لم يغل لتابعه صدق أنه لا يغل ، وهذا على سبيل النهي.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ).