هو أشد من ذلك لا يجب عمن له بوجه ، ابن عطية : وصفه المشاور في الأحكام كونه عالما دينا ، والمستشار في أمور الدنيا كونه عاقلا مجربا.
ابن عرفة : دينا أيضا لئلا يخدعه ولا ينصحه ، وقد ورد" الدين نصيحة".
قيل لابن عرفة : في زمانه فمنهم من أجاز الاختيار والتعليم ، فقال : هذا لم يقله أحد ، وإنما الخلاف في اجتهاد محضره ، وهو يسمع من غير أن يسأله أحد منهم وتسديده بذلك ، وأما هو فمجتهد في نفسه ويخبرهم بما ظهر له فيمتثلونه ؛ لأنه سألهم.
قال ابن عرفة : والآية دالة [٢١/١٠٧] على اعتبار الأسباب العادية ، وهل تدل على أن السبب ما ينافي التوكل ، وهو الظاهر والناس على ثلاثة أقسام : فقوم من المتصرفين أفرطوا وتركوا الأسباب وتوكلوا ، وآخرون اعتبروا الأسباب فقط ، وآخرون فعلوا الأمرين ، وقال صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لصاحب الناقة" اعقلها وتوكل (١) ".
قال ابن عرفة : واتخاذ السبب عندي أولى وأقرب لمقام التوحيد ؛ لأن من أكل وتوكل أكثر توحيد ممن ترك الأكل وتوكل ؛ لأن الجوع والشبع بخلق الله تعالى ، لا بالأكل وعدمه ؛ لأن الذي أكل يؤخذ أنه من جهتين : لأنه يعتقد أن قدرة الله متعلقة بخلق ذلك الشيء المأكول ، ويخلق الشبع له عند أكله إياه ، والذي لم يأكل معتقد تعلق القدرة بشيء واحد وهو الشبع فقط.
قوله تعالى : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ).
ابن عرفة : دون أي إشارة لتساوي الأمر ، وأن نصرتهم وخذلانهم بالنسبة إلى قدرته متساويان ، وليس أحدهما أرجح من الآخر ، فإن قلت : هلا قيل : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ) تنصروا وتظفروا ؛ أو أنتم الغالبون ؛ لأنه أصرح في تغلبهم على عدوهم ، ولفظ الآية ليس بصريح في غلبهم لعدوهم بل بنفي ، وهو أن لا تغلبوا ولا تغلبوا ، قال : وتقدمنا الجواب عنه : بأنه حذف جواب الشرط ، وذكر ما يستلزمه والتقدير : إن ينصركم الله ظفرتم ولا غالب لكم ، ولو قيل : ظفرتم فقط ، لما أفاد انتصارهم في
__________________
(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه : ٧٣٨ ، والترمذي في جامعه : ٣٩٢٥ ، وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء : ١٣١٨٥.