قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ).
ابن عرفة : الآية تدل على أنه في مقام التوسط بين الشدة واللين لقوله تعالى : (لِنْتَ لَهُمْ) ، ولم يقل : فبما رحمة من الله كنت لينا ، أو كنت تلين ، فليس هو في ذاته في لين ، لكنه يستعمل اللين وما قالوا : إنها زيادة في اللفظ ، قال أبو حيان : ورده ابن عرفة : فإنه يلزم عليه أن القرآن مخلوق ؛ لأن الحروف والألفاظ مخلوقة ، إلا أن يريد أن الحروف مخلوقة والمعنى قديم ومنهم من يمنع ورود الزيادة في القرآن ، كما منع إطلاق التهكم فيه ، ومنهم من قال : فائدة التأكيد ، فإنه قائم مقام تكرير اللفظ بعيد ، فكأنه قيل : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) وقال بعض الطلبة : الزيادة مجاز ، فيمكن في الآية وجه آخر من المجاز ، وهو أن فيها تقديما وتأخيرا ، كما قالوا : في (غُثاءً أَحْوى) كذلك نفي المعنى ، (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) وتكون ما نكرة وصفة ، وعلى ما ذكر أبو حيان : تكون ما نكره لا موصوفة ، ولا موصولة كما التعجب.
قوله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ).
ابن عرفة : الفاء للتسبيب ، وليست عاطفة إذ لا يصح عطف الجملة الطلبية على الخبرية ، وتقدير السبيبة بتمهيد أنه لين الجانب ، وعلى الاتصاف على خلق عظيم ، فهو قائل : لأن يعفو عنهم ، فليسبب أمر بالعفو عنهم.
قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).
حمله ابن عطية والزمخشري : على الرجوع لفريق واحد.
ابن عرفة : والظاهر أنهم ثلاثة أقسام ، فريق فروا فلم يرجعوا ، فهؤلاء أمر بالعفو عنهم ، وأخروا فروا حتى قال لهم : إلي فارجعوا ، فأمر بالاستغفار لهم ، وآخرون ثبتوا ولم يفروا ، فهؤلاء المأمور بمشاورتهم في الأمر ، قيل : فرجعوا فأمر بالاستغفار لهم.
ابن عرفة : قال الفخر : أن المتشاورين ، أبو بكر ، وعمر ، مع أن عمر لم يثبت ، فقال : منصبه معلوم.
قال ابن عطية : ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب بلا خلاف.
قال ابن عرفة : هذا غير صحيح ، ولم أره لغيره ، والمسألة مذكورة في أصول الدين في باب الإمامة ، وفي كتب الحديث ، وفي الفقه ، وذكروا فيها فعل الإمام ، ما