قوله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ).
ابن عرفة : فعل الشرط مستقبل ، وهو هنا ماضي ؛ لأن مس القرح لهم قد وقع ومضى ، وحينئذ فترجع إلى السبب ؛ لأن المس سبب في التألم ، وهو دائم مستمر في المستقبل معناه : إن ينالكم تألم في المستقبل بسبب مس القرح ، فقد مس القوم قرح مثله.
ابن عرفة : وجواب الشرط إما المذكور بعينه أو لازمه ولكم في الكفار أسوة وسبيل ، فقد نالكم مثل ذلك ، قال وعادتهم يقولون : ما الفرق بين المس والإصابة قال تعالى : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ) [سورة التوبة : ٥٠] والظاهر أن الإصابة أعم لصدقها على الحسي والنظري ، ولذلك تكلم الأصوليون على اختلاف هل كل مجتهد مصيب ، أم لا؟ مع أنه حكم نظري ، والمس في المحسوسات يقول مس كذا ، ولذلك فرق ابن رشد في المقدمات بينه وبين اللمس فجعل اللمس لا يكون إلا عن قصد ، يقول تماس الحجران ، والمس يكون مقصودا وغير مقصود ، فلا يطلق إلا على الأمور الضرورية المحسوسة فعبر هنا بالأخص في باب التسلي ؛ ليكون أبلغ ، وأنشد ابن عطية قول لخنساء :
ولو لا كثرة الباكين حولي |
|
على إخوانهم لقتلت نفسي |
ولا يبكون مثل أخي ولكن |
|
أعزي النفس عنه بالتأسي |
قال والتأسي بالناس هو النفع الذي يجره إلى نفسه الشاهد المحدود ، فلذلك ردت شهادته فيما حد فيه ، وإن تاب وحسنت حاله.
ابن عرفة : يريد الذي زنا وحده في الزنا لا يقبل شهادته على أحد بالزنا ؛ لأنا نتهمه أنه رمى غيره بالزنا لكي يستلى به ؛ لأن الزاني يود أن يكون الناس كلهم زناة.
ابن عرفة : وحكي أن طفلا أحدب عيره الناس فاشتكى إلى أمه فقالت : إذا دخلت الجنة يعير كل من عيرك أحدب ، وتكون أنت وحدك مستوي القامة ، فقال لها : لقد زدتيني غما وهما ، إذ جعلتيني في الجنة خارجا منها وأنا في الدنيا كذلك.
ابن عرفة : وخلط ابن عطية : وحكم للمجاور حرف الخلق ؛ لأن ما وسطه حرف حلق ، يجوز فتحه وتسكينه ، باتفاق وما أخره حرف حلق فيه خلاف بين البصرين والبغداديين فشبه هو القرح لقولهم : أنا محموم.