الجزاء في العنكبوت ، ولا وقع فيها عطف جاءت جملة للمدح غير معطوفة ، فناسب النظم التعلم.
قوله تعالى : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ).
ابن عرفة : الإشارة ولم يكن نزل كله بالإشارة لما نزل منه ، قيل له : يلزمك استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازة ، قال هو كقول سيبويه : هذا باب كذا فالإشارة لمن يأتي.
ابن عرفة : وعادتهم يقولون : فيه دليل على امتناع ورود المجمل في القرآن ، وأنه كله بين ، قالوا : وأجيب بأنه ليس المراد أنه بين الإجمال ، بل المراد ببيانه دلالته على وجود الله تعالى ووحدانيته ، وما يجمع له ، وما يستحيل عليه ، قالوا : وهذا ترق ، فالبيان راجع للتصوير ، والهدى للتصديق بالحق والباطل والموعظة راجحة لاتباع الأوامر والنواهي والاتعاظ بالخوف من عذاب الله.
قوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ).
هذا دليل على أن الأول خطاب المؤمنين فقط ؛ لأن هذا خطاب لهم فتجري الآية على أسلوب واحد ، ابن عطية : وهو من وهن ، ومن كلامهم : المؤمن هين لين.
ورده ابن عرفة بأن وهن معتل الفاء وهين معتل العين ، فالمادة مختلفة والعجب من أبي حيان : كيف سكت عنه ولم يتعقبه ، ابن عطية : وقول العرب إذا لم تغلب فاطلب وأطلابه الخديعة والمكر ، ومنه فعل عمرو بن سعيد الأشدق ، مع عبد الملك ابن مروان : فإنه عند قتله إياه خدعه.
ابن عرفة : هنا وهم بأن عمرو بن سعيد مكر بعبد الملك ، وليس كذلك بل المنقول هو أن عبد الملك مكر بعمرو بن سعيد ، فالصواب أن يقول : ومنه فعل عبد الملك بعمرو بن سعيد فذلك أن عمرو بن سعيد طلب من عبد الملك أن يوليه الخلافة بعده ، وقال له : قد صحبت أباك فامتنع عبد الملك فنفى عمرو إلى الشام واشتغل واستقل بنفسه فيه بالخلافة فجاء به عبد الملك وقاتله ، ثم اصطلحوا على أن ولاه الخلافة من بعده وأعطاه أميرا في كل بلاد ثم أرسل إليه أن يأتيه أمر فحذره الناس منه ، ولم يسمع منهم حتى آتى عبد الملك فدخل عليه ، فقال : إني كنت جئت لك ظفرت بك لأكبلنك فكبله ، ثم أخرجه إلى الناس وقتله.