بشيء ويكون الناس يكرهونه ، وهذا كله بحسب حال المتصدق ونيته فرب محبوب له مكروه والعكس ، قال الفخر : هذا يدل على أن النفقة من المحبوب واجبه.
ابن عرفة : إنما يقتضي الوجوب الذم على الترك لا تعليق على الثواب الخاص.
قوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ).
قال ابن عرفة : عادتهم يقولون (كُلُ) من ألفاظ العموم وإدخالها على النكرة أبلغ في إفادة العموم ، فهلا قيل : كل طعام كان حلا ، وأجيب بوجهين :
الأول : قال ابن عرفة : عادتهم يجيبون بأن الألف واللام للجنس فأدخلت (كُلُ) هنا لتأكيد العموم ، وصار كتكرار اللفظ مرتين فكأنه قيل : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا).
الجواب الثاني : قال بعض الطلبة لابن عرفة : الألف واللام للعهد أي كل هذا الطعام المعهود لكم الذي حرمه يهود زمانكم كان حلا لأسلافهم من بني إسرائيل.
قوله تعالى : (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ).
ابن عطية : وانتزع من هذه الآية أن للأنبياء أن يحرموا باجتهادهم على أنفسهم ما أراد أو للمصلحة من جهة ، ومن هذا تحريم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم مارية على نفسه فعاتبه الله في ذلك ولم يعاتب يعقوب عليهالسلام ، فقيل : إن ذلك لحق أو هي ترتب من نازلة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : إن هذا تحريم تقرب وزهد ، وتحريم الجارية تحريم غضب ومصلحة نفوس.
ابن عرفة : هذا كلام خلف لا ينبغي نقله ولا اعتقاده في حق النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، والصواب : ما كان بعض المشايخ يقول في سبب هذا على جهة المثال أنه بمنزلة رجلان يحبهما معا لكنه محبته لأحدهما أكثر فحرما معا على أنفسهما طعاما لذيذا ، فإن الولد قد يعاتب الأحب إليه منهما على تحريمه ذلك ، وحرمانه نفسه منه ، ولا يعاتب الآخر ، فلذلك عاتب الله محمدا صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولم يعاتب يعقوب صلّى الله عليه وعلى آله وسلم على تحريم الطعام.
قيل لابن عرفة : إن رجلا قال : أي شيء رأى يعقوب عليه الصلاة والسّلام في تحريم هذه الأشياء على نفسه التي هي العروق ولحوم الإبل وألبانها فقال : ينهى عن ذلك القول فقط ، ويقال : لا يتعرض للأنبياء عليهمالسلام.