عنهم ، ولا يؤخر عنهم العذاب عن وقت حلوله بهم ، فإذا حل بهم يخلدون فيه ، ولا يخفف عنهم.
قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ).
أي بادروا في أول أزمنة البعدية (وَأَصْلَحُوا) أي داوموا على التوبة ، وإلا فالتوبة تستلزم الإصلاح.
قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
من إقامة السبب بمقام مسببه ، أي فإن الله يتوب عليهم ، ويقبل توبتهم لأنه غفور رحيم.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ).
قال الزمخشري : هم اليهود آمنوا بموسى ثم كفروا بعيسى ، ثم كفروا بمحمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم عليهم آباؤهم الذين مضوا ، ففيه تخليط الأسلاف بالمخاطبين ، وأجاب ابن عرفة بأن الآية فيهم لا في أسلافهم ، وهم متبعون لأسلافهم في الإيمان بموسى والكفر بعيسى ، ثم ازدادوا عليهم بكفرهم محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم عليهم آباؤهم الذين مضوا ففيه تخليط الأسلاف بالمخاطبين ، وأجاب الزمخشري : وكفروا محمدا بعد ما كانوا مؤمنين قبل بعثه وازدادوا كفرا بإصرارهم على ذلك ، وطعنهم فيه ونقضهم ميثاقهم ، والإضافة في قوله تعالى : (بَعْدَ إِيمانِهِمْ) إما لتحقيق وقوع الإيمان منهم فنفى كفرهم بعده زيادة شناعة عليهم ، أو لضعف الإيمان الواقع منهم ، والأول أنسب.
قوله تعالى : (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً).
إن قلت : قد تقرر أن اجتماع المماثلات باطل فكيف يصح كفر مع كفر مثله؟ فالجواب : أنه يصح باعتبار المعلقات فكفروا أولا بعدم التوحيد ، ثم ازدادوا بادعاء التجسيم ، ثم نسبوا إليه الابن ثم إلى غير ذلك ، فإن قلت : لا يلزم من زيادة أحد هل يؤخذ منها أن الإيمان ، يزيد وينقص ؛ لأن ضده وهو الكفر يزيد وينقص ، قلنا : لا يلزم من زيادة أحد النقيضين زيادة الأخر ، ولا سيما إذا قلنا أن الزيادة والنقص أمر جعلي شرعي ، وليس بعقلي.
قوله تعالى : (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ).