ابن عرفة : هذا احتراس وهو حجة لأهل ... (١) ؛ لأن ما قبلها تضمن أن الله يذهب الفاسد بالصالح ، فلو اقتصر عليه لأوهم وجوب مراعاة الأصلح على الله تعالى ، فتبين بهذه الآية أن ذلك محض تفضل من الله تعالى ولا يجب عليه بشيء ، قال أبو حيان : ولكن استدراك بإثبات الفضل على جميع العالمين لما يتوهمه من يريد الفساد أن الله غير متفضل عليه إذ لم يبلغه مقاصده.
ابن عرفة : هذا ينافيه على أن ما بعد لكن لا يكون إلا معيارا لما قبلها ومن يجيز كونه مخالفا عنه لا يحتاج إلى هذا ، بل تقول معناه لهلك الناس كلهم لغلبة الفساد على تفضله بالجميع ؛ لأنه عام يناله المصلح والمفسد ، والمدفوع عنه أما نيله المدفوع عنه فظاهر ، وأما المفسد ؛ فلأن منعه من ذلك منقذ له من الهلاك ودخول النار فيصير صالحا.
قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ اللهِ).
ابن عرفة : الإشارة إما إلى الآيات المتقدمة ، وعبر عن التلاوة الماضية بصيغة المستقبل للتصور والدوام ، وإما أن يكون يتلوها مستقبلا حقيقة ، والإشارة إلى المتقدم باعتبار لفظه فقط ، مثل : عندي درهم ونصفه ، أو الإشارة إلى المستقبل المقدر في الذهن تحقيقا لوقوعه ، وتنزيلا له منزلة الواقع حقيقة ، وفي الآية التفات بالانتقال من الغيبة إلى المتكلم ، فقوله : (آياتُ اللهِ) إشارة إلى عظمها وجلالة قدرها.
قوله تعالى : (نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ).
فعبر بالقدر المشترك بين المتكلم وحده وبين المتكلم ومعه غيره ، إشارة إلى بلوغها للنبي صلىاللهعليهوسلم بواسطة الملك.
قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
هذا كالنتيجة بعد المتقدمتين ؛ لأن تلك الآيات المعجزات دالة على صحة رسالته صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وأكدت رسالته بإن واللام ، وورودها بهذا اللفظ ؛ لأنه أبلغ من قوله : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، كما قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [سورة يس : ١ ـ ٣] قاله الزمخشري في قوله تعالى : في سورة
__________________
(١) بياض في أصل المخطوطة.