لديه مال البتة ، فأجيبوا عن الدليل الأول : بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ) فلا مزية لكم عليه بآبائكم ، وعن الثاني : بأن الزيادة في العلم والجسم أرجح من الزيادة في المال ، فإن المال سريع الذهاب ، والعلم إذا حصل ثابت لا يزول ، وكذلك الجسم الطويل لا يعود قصيرا بوجه ، الزمخشري : (وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ) واو الحال ، وفي : (وَلَمْ يُؤْتَ) واو العطف.
قال ابن عرفة : الأولى أن يكونا للحال ، وهو أبلغ في التعليل ؛ لأن كل واحد منهما علة مستقلة أي : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ) ، والحالة أنا أحق به منه ، وأنا يكون له الملك علينا ، والحالة أنه فقير لا مال له ، فلم يعللوا بمجموع الأمرين بل بكل واحد منهما.
ابن عرفة : وهنا جاء ؛ لأن من الفاعل والمفعول.
قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ).
ابن عرفة : هذا دليل على صحة ما يقول ابن التلمساني : من أن لفظ الآية ليس خاصا بالمعجزة ؛ لأن المراد بها هنا دليل والعلامة بلا خلاف ، وهذا اللفظ من حيث هو قابل ؛ لأن يراد به آية ثبوت ملكه ، أو آية بطلان ملكه ، والمراد هنا الأول ، فإما أن يكون على حذف مضاف ، أو نقول : القرينة معينة ، فلا يحتاج إلى إضماره.
ابن عرفة : والتأكيد بإن إنما هو لمن ينكر ذلك ، وهم لا ينكرون هذا عند ظهور هذه العلامة.
قال ابن عرفة : لكن فإن بعض الشيوخ يجيب بأن الإنكار تارة يتسلط على الذات المخبر عنها ، وإن كانت السببية متفقا عليها ، كقول الولد لأبيه الذي لا شك في صدقه : ما تربح في هذه السلعة فهو لك ، وتكون السلعة تحلية ، فالأب مستبعد للربح من أصله ، وإن كان موافقا على النسبة فالإنكار بمعنى استبعادهم وقوع ذلك ؛ لأنه إن وقع لا يكون دليلا على صحة ملكه ، وأجيب أيضا بأنه روعي في ذلك مخالفتهم له الخير ؛ لأن بعضهم تعنتوا عليه ، وذكر ابن عطية هنا أقوالا ، منها : أن التابوت من خشب الشمشار طوله ثلاثة أذرع وفيه عصا موسى.
قيل لابن عرفة : كيف يتسع فيه وهي طويلة؟ فقال : لعل ذراعهم أكبر من ذراعنا ، أو تكون العصا مفصلة أو مكسورة ، وحكى في السكينة ، عن علي بن أبي طالب : إنها ريح شفافة لها وجه كوجه الإنسان ، وروى عنه أيضا : أنها ريح خجوج لها رأسان.