وقال الزمخشري : هي ريح.
ابن عرفة : ولا يجد ما حكى ابن عطية على مذهبنا ؛ لأن الوجود مصحح للرؤية ، فيمكن أن ترى الريح ، وقوله : ريح خجوج أي لينة ، ابن عطية : وقال أبو صالح : البقية عصا موسى وعصا هارون ، ولوحان من التوراة ، والمن المنزل على بني إسرائيل ، واستشكل ابن عرفة ؛ لأنهم ذكروا أن المن كان إذا بقى يفيد ، قلت : يجاب بأن هذه آية وخرق عادة ابن عرفة لما ذكر الخلاف كله ، قال : وهذه أخبار متعارضة ، ويمكن الجمع بينهما بأن السكينة تتطور ، فتارة يكون كالطست وتارة كالهر وتارة كغيره ، والله تعالى أعلم.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ).
ابن عرفة : إنما أكده بإن ؛ لأن الخطاب هذا قبل وقوعه ، وقد كانوا منكرين له حينئذ أو بعد وقوعه ، ويكون أكيدا لكونه آية ، وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إما حقيقة أو تقبيحا على الاتصاف بالإيمان.
قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ).
[٦٩ و] أضمر ابن عطية هنا الجواب ، فقال : التقدير فاتفق بنوا إسرائيل على أن طالوت ملك وأذعنوا ويصلوا لغزوهم عدوهم ، فلما فصل طالوت بالجنود تعنتوا له.
قال ابن عرفة : ترك إضماره بسبب الجواز ، وحقه إن كان يضمر شيئين : الجواب ، وسبب الجواب ، ويعدل التقدير فلما آتاهم بآية ملكه ، وفصل بالجنود تعنتوا ، قال : وعطفه بالفاء ؛ لأنه سبب ظاهر ، كما تقول : جاء الغيم فلما نزل المطر كان كذا ، وتقول : قام زيد ولما نزل الماء المطر فعد فهذا ليس بسبب.
ابن عرفة : وإنما قال : (بِالْجُنُودِ) ولم يقل : جنوده لما اقتضت الآية من أن أكثرهم تعنتوا عليه وخرجوا عن طاعته فليسوا بجنوده ، وإنما قال : (مُبْتَلِيكُمْ) فعبر بالاسم دون الفعل تحقيقا لوقوع ذلك في نفس الأمر وثبوته في علم الله تعالى أن لا وأنه لا بد منه وعلمه هو بذلك إما بالوحي وإما بإخبار من النبي.
قوله تعالى : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي).
فسره الزمخشري بالكرع مع أنه بقي فيه المفهوم ؛ لأن الشرب منه يكون كرعا ، ويكون بأقل غلاه منه ، أو تأكيد ، وقوله : (فَلَيْسَ مِنِّي) إن أراد نفيه عنه حقيقة فيكون