الثاني : الاستيلاء والإحاطة ، فهو إشارة إلى تعميم الإحاطة بالصلوات دون ترك شيء وتخصيص الصلاة الوسطى بالذكر إما لورودها على الناس في زمن شغلهم ، أو في زمن راحتهم ونومهم ، أو لكونها من بقية الصلوات التي كانت مفروضة المتقدمة ، أو هو من عطف الخاص على العام.
قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).
فسره ابن عطية بالقيام الحسي حقيقة ، قال : ومعناه في صلواتهم ، وفسره بعضهم بالقيام المعنوي ، وهو الحمد في الشدة ، والطاعة ، فيتناول ركوع الصلاة وسجودها ، مثل : قمت بالأمر.
قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً).
ابن عرفة : الخوف محقق لكونه شرطا في الرخصة ، والرخصة إنما تكون في الأمر المحقق الثابت ؛ لأنها مظنة للمبادرة للعمل بمقتضاها لما فيها من التخفيف ، فلو لم يكن شرطها محققا لأدى إلى التهاون بفعلها من غير استيفاء شروطها ، فحق هذا الشرط أن يكون بإذا لدلالة على التحقيق كما أن الشرط في : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) لكنه روعي في الشرطين شيء آخر ، وهو الحض على تشجيع النفس بإحضار الطمأنينة والأمن من ... (١) وعده الامتثال به حتى أن الخوف منه غير واقع في الوجود بوجه ، ولذلك عبر في آية الخوف لمن ومع آية الأمن بإذا ، أو قال الزمخشري : عند أبي حنيفة لا يصلون في حال المشي ، وعند الشافعي يصلون في كل حال ، والراكب يومئ ويسقط عنه التوجه إلى القبلة.
ابن عرفة : مذهب مالك في هذا والشافعي سواء وينوي بقلبه التوجه إلى القبلة ، وهذا إذا خاف العدو فوات الوقت المختار ، فإن رجاء حصول الأمن أخر الصلاة ، وكذلك الخائف من لصوص أو سباع ، إلا أن الفزع في هذا أقوى من أصله ، كما قال : في الجدة للأم مع الجد للأب ؛ لأن الخائف من العدو لا يقضي ، والخائف من اللصوص والسباع [١٥/٦٨] يقضي.
قوله تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.