بنقيض الحكم ، كما قيل : ما زاد إلا نقص ، وقالوا : هذه هي نقيض عدم الزيادة ، وذلك بعد أن مال الاستثناء المتصل هو أن يكون الحكم على المستثنى منه ، وأن يكون استثناء من غير الجنس ، فإن اختل أحدهما أو كلاهما كأن ينتقضه ومثل الحكم النقيض.
قوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ).
فظاهره جواز كل التجارة بالباطل وليس كذلك ، ويعقب ابن عرفة مع الزمخشري : الانفصال وتعليله بأنه مشترك الإلزام بين المتصل والمنفصل ، أجيب بأن أصل الفرع مستثنى من شيء محذوف تقديره في الآية : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَ) [١٤/٦٧] في الأشياء بالقول المعروف ، ونظيره : ما مررت إلا بزيد ، أي ما مررت بأحد فليس فيه مشترك الإلزام ، وتعقبه ابن عرفة قول أبي حيان : في ما رأيت أحدا إلا حمارا ، بأن ذلك إنما هو في النقيض ، قيل : لم يذكره القرافي والشلوبين في غيره ، ومثلوه بقوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [سورة الدخان : ٥٦] ، فقال : هذا منتف مع صحة قولك : لا يذوقون إلا الموتة الأولى ، قيل له : لا يجوز : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [سورة الدخان : ٥٦] فقال : سقط سقط ، قلت : قال بعضهم : كلام أبي حيان صحيح وما تقدم للقرافي غير بينة.
قوله تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ).
أبو البقاء : (عُقْدَةَ) مصدر مضاف إلى المفعول أو على انتفاء حرف الجر ، كقول عنترة :
ولقد أتيت على الطويل أظنه |
|
حتى كان به كريم المأكل |
أي وأكل عليه ، قيل لابن عرفة : تقدم النهي عن المواعدة في العدة ، وهي أدنى من هذا ، والنهي عن الأدنى يستلزم النهي عما فوقه من باب أحرى ، فقال : دلالة المطابقة أقوى ، قيل له : والأول من دلالة المطابقة ، مثل : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) [سورة الإسراء : ٢٣] ، فقال : الصحيح عنهم أنه من دلالة الالتزام ، فقال القوم : منهم من يفسره هنا بالفعل وهو عقد النكاح ، ومنهم من فسره بالنية أي ولا تنووا عقدة النكاح ، وهو الصحيح ؛ لأن العزم هو الجزم بفعل الشيء فهو أمر قلبي ، قال تعالى : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) [سورة محمد : ٢١] مما يريده هنا ، قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ