فالمواعدة في العدة غير قادر على تنجيز العقد عليها في الحال ، ومتزوج الخامسة قادر على تطليق واحدة في الحال ويتزوجها ، فإن قلت : أليس قادرا على أن يطلقها طلقة بائنة؟ قلت : أهو قادر على أن يطلقها بالثلاث؟ قيل لشيخنا الإمام أبي عبد الله محمد ابن القاضي أبي العباس أحمد بن حيدرة : كان يقول هذا إذا كان التعريض من أحد الجانبين فقط ، وأما إذا وقع التعريض منها ، فظاهر المذهب أنه كصريح المواعدة ، فإن قلت : إذا نفي الجناح في التعريض فأحرى أن ينتفي عما يخطر بالقلب ، فما فائدة عطفه عليه؟ قلنا : فائدته الإشعار بالتسوية بينه وبين ما في النفس من الجواز ، أي هما سواء في رفع الحرج عن صاحبها ، وعلى الحكم بتعريض الرجل للمرأة ؛ لأنه الأغلب والأكثر وجودا ، إن الرجال يخطبون النساء فهو مفهوم خرج مخرج الغالب فيستفاد بجواز العكس تماما عليه.
قوله تعالى : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا).
الزمخشري : المستدرك مقدرا أي فاذكروهن (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا).
ابن عرفة : هذا يتخرج من الخلاف في أن ما بعد لكن إذا كان مناقضا لما قبلها جاز بلا خلاف ، وإن واقعه امتنع اتفاقا ، فإن خالفه فقولان ومفهومه تحريم المواعدة جهرا من باب أحرى.
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً).
جعله الزمخشري متصلا إما مستثنى من مصدر تواعدوهن إلا مواعدة القول المعروف فينتصب على المصدر ، أو فرعا من مجرور أي إلا بالقول المعروف فينتصب على إسقاط حرف الجر ، ومنع انفصاله على استثنائه من سر العدم تسلط العامل عليه ، فلا يجوز لا تواعدوهن إلا بالتعريض ، ورده أبو حيان بمنع الحصر ؛ لأن المفضل قسمان :
ما تسلط عليه العامل مثل ما رأيت أحدا إلا جارا ، فالحجازيون أوجبوا نصبه ، والتميميون أجازوا ارتفاعه بما قبله ولم يتسلط عليه العامل ، نحو : ما زاد إلا ما نقص .... (١) في غير ما يتسلط عليه العامل أن يكون .... (٢) على المستثنى
__________________
(١) سقط في المخطوطة.
(٢) طمس في المخطوطة.