قوله تعالى : (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً).
قيل : أراد عشر ليال بأيامها ، وغلب الليالي ؛ لأنها أسبق ولا نراهم يستعملون التذكير فيه ذاهبين إلى الأيام تقول : صمت عشرا ، ولو ذكر خرجت من كلامهم ، قال المبرد : وعشر عدد لكل عدة منها يوم وليلة ، وتعقبه أبو حيان : بأنه لا حاجة إلى ذكر الليالي والعدد ؛ لأنهم نصوا على أن المعدود إذا كان مذكر أو حذفته ، فلك في العدد وجهان :
إما التذكير وهو الفصيح أو التأنيث.
قال ابن عرفة : وكان الشيوخ يحكون عن شيوخهم خلافا فيمن يشتري سلعته بعشرة دراهم في تونس القديم والجديد ، فكان سيدي الفقيه أبو محمد عبد الله الزواوي يفتي بأن له أن يعطيه منها ثمانية دراهم جديدة ؛ لأن غالب حال الناس : التعامل بالجديد وهو الأكثر ، وكان الفقيه القاضي أبو القاسم بن زيتون إنما العدة [٦٦ و] نصوص فيها يعطيه إلا عشرة دراهم قديمة كما وقع العقد بينهما ، قلت : وذكر هذا بعينه في سورة العنكبوت.
قوله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ).
قال الزمخشري في الكناية : هي أن يذكر الشيء بغير لفظة الموضوع له ، مثل : فلان جبان القلب عظيم الرماد ، والتعريض أن يذكر شيئا ليستدل على شيء لم يذكره.
ابن عرفة : فلفظه أن الكناية ترجع لدلالة المطابقة ، والتعريض لدلالة الالتزام ، ولهذا كان بعضهم يقول : في قولك رأيت أسدا يريد به رجلا شجاعا إنه مطابقة ، ويرد على من كان يقول له أنه مجاز ، ولذلك فرقوا بين دلالة اللفظة وبين الدلالة باللفظ ؛ لأن المطابقة دلالة اللفظ على تمام مسماه بالإطلاق وما عرض من جعله مجازا إلا أنه دلالة المطابقة بأنها دلالة اللفظ على ما وضع له أولا ، قلت : قال القزويني في الإيضاح : الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى ، كقولك : فلان كثير رماد القدر كناية عن الكرم ، طويل نجاد السيف كناية عن طول قامة الرجل ومنه تعدية فهذا الفرض كناية عن طول قامة المرأة.
قيل لابن عرفة : هل يجوز لمن عنده أربعة نسوة أن يعرض ويواعد خامسة؟ فقال : الظاهر الجواز وهو أخف من المواعدة في العدة ؛ لأن من تزوج في العدة تحرم عليه للأبد ، ومن تزوج خامسة يجبر على تطليق واحدة ونكاحه صحيح ، وأيضا