أي يزكيكم فيجعل لكم صعود الدرجات في الجنايات ويطهركم من الآثام ويبعدكم عن الدركات والحلول في النار.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
إما باعتبار عاقبة الأمر في المستقبل ، وإما لكون العلم القديم مباين العلم الحادث ولا مماثلة فيهما بوجه.
قوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ).
ابن عرفة : هذا عام مخصوص بالعادة بالشريعة التي من عادتها الارتضاع لا يطلب ذلك منها ، ونص الأصوليون على صحة التخصيص بالعادة واعتبره في حديث : " غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا (١) " فيخصه بالماء دون فمن الطعام ؛ لأن العادة تحفظ الناس على الطعام فالغالب أن الكلب لا يصل إليه بخلاف الماء ، ابن عطية : فإن مات الأب ولا مال للابن فمذهب مالك في المدونة أن الرضاع لازم للأم بخلاف النفقة ، وفي كتاب ابن الجلاب : رضاعه في بيت المال ، وقال عبد الواحد : هو من فقراء المسلمين.
ابن عرفة : هذان يرجعان إلى قوله واحد ؛ لأن الفقر يستدعي الإعطاء من بيت المال ، ابن عطية : وانتزع وجماعة من العلماء من هذه الآية أن الرضاعة المحرمة الجارية مجرى النسب ، إنما هي ما كان في الحولين ؛ لأن بانقضاء الحولين تمت الرضاعة فلا رضاعة ، وابن عرفة : من يطالعه يتوهم قصر التحريم على الرضاع في الحولين ، وفي المدونة : ولا يحرم رضاع إلا ما قارب الحولين ، ولم يفصل مثل شهر أو شهرين ، وأما لو فضل بعد الحولين بقربهما بنشر الحرمة ، ابن عطية : وروي عن قتادة : أنه نزل أولا : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ) ، ثم نسخت بقوله : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) ابن عطية : وهذا القول متداعي مبتدع.
ابن عرفة : أي متنافي ؛ لأن الشيء إنما ينسخ بنقيضه وما يحمله عندي إلا أنه نسخ في الأخف.
قوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ).
__________________
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى : ١٠٥٧.