قيل لابن عرفة : ما أفاد قوله : (مِنْ بَعْدُ) والكلام يستقل بدونه ، فقال : أفاد الكلام على مرجوحيته الطلقة الثالثة ؛ لأنه تحليل للحرمة ألا تحل له لكونه بعد الطلقة الثالثة.
ابن عرفة : وهذا الخلع هل هو فسخ أو طلاق ، منهم من قال : لا يكون طلاقا إلا إذا كان بلفظ الطلاق ، فتقول له : خالعتك على كذا فتكون أنت طالق على ذلك ، ولو قال : وأنا أخالعك على ذلك ، وقال : سرّحتك على ذلك وخليت سبيلك ، أي أبحت لك الأزواج فهو فسخ ، وهي مسألة وقعت في المغرب في رجل يقال له البخاري لكونه كان يحفظ البخاري ، كان طلق زوجته طلاق الخلع ثلاثا بغير لفظ الطلاق ثم ردها قبل زوج ، فاختلفت الشيوخ القياسيون فبعضهم قال : يرجم ، وآخرون قالوا : يلزمه الأدب فقط ، لأنه خالع بغير لفظ الطلاق أو حرم حينئذ وتركوه ، وهي مسألة المدونة إما أن يعذر بجهل أو لا ، وهذا الرجل كان عالما.
قوله تعالى : (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ).
قال سعيد : أنها لحق تحل بالعقد.
ابن عرفة : وما مجمله عندي إلا أن يقول : اقتضت الآية أنها تحل [١٤/٦٥] التقدم بينت السنة أنه لا بد من الوطء وبهذا كان بعضهم يرد على من قال : كل نكاح في القرآن المراد به العقد إلا في هذه الآية ، فكان يقول : بل هو هنا حقيقة في العقد وبينت السنة أنه لا بد من الوطء.
قوله تعالى : (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ).
ولم يقل : إن لم يخافا أن لا يقيما حدود الله ؛ لأن هذا أبلغ التكليف.
ابن عرفة : وأهل بلدنا يكلفونها إذا أرادت الرجوع لمطلقها بالثلاث إثبات كون المحل غير متهم بفساد الزمان ، وأهل القيروان يكلفونها إثبات ذلك عند تزويجها ، وكان ابن هارون لما عزل عن قضاء توزر ، تكلم معه القاضي ابن عبد السّلام في أمور ، منها : أنه لم يأمر بذلك ، فقال ابن هارون : تكليفها بهذا لم ينكره أحد وفيه مشقة عليها ، وإنما الصواب أن يعطي على ما اتفقا عليه هي والذي أحلها ، قال : فأنكر ذلك ، وقال ابن عبد السّلام ، وقال له : سمعت عنك أنك تأخذ في كل صداق دينارا كبيرا أو تسرحه فسكت.