ابن عرفة : هذا أحد القولين وفيها قول آخر ، بأن الفعل المتضمن لمتعدي إذا ضمن المجرور الذي بعده معنى حرف آخر تصح نيابته مناب المفعول ، وهي هنا متضمنة معنى من ، كقولك : أكلت من الرغيف.
قوله تعالى : (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً).
ضعف أبو حيان العطف هنا للفصل ، وأجاب بعض الطلبة بأن (حَسَنَةً) مفعول صريح ، (وَفِي الْآخِرَةِ) مجرور مؤخر في المعنى فتقديمه يصيره فاصلا.
قال ابن عرفة : لا يعني ذلك عندهم ، وإنما فيه عندي أنه نعت نكرة تقدم عليها فصار حالا ، والحال صفة في المعنى ، وإذا كان صفة فالفصل فيه جائز ؛ لأنه جزء من الموصوف وكالخبر ونظيره التي مثل الآية بها ، قال : وبالخبر يمثل الفصل ، إلا بقوله :
(فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) [سورة هود : ٧١] بالنصب على قراءة حمزة ، وأما على قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [سورة النساء : ٥٨] والفصل هنالك على الظرف وهو جملة معطوفة على جملة.
قوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا).
راجع للفريقين ، فمن طلب الدنيا نالها وكذلك الآخرة.
قوله تعالى : (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ).
قال ابن عطية : [١٢/٥٧] قيل لعلي : كيف يحاسب الله العباد في يوم القيامة كما يرزقهم في يوم.
ابن عرفة : كما يفهم أن العرض لا يبقى زمانين ، والقدرة صالحة إلى الإفراد بفرض آخر في كل زمن ، فكذلك القدرة صالحة لأن يخلق الله تعالى في نفس كل واحد الإخبار بما له وبما عليه ، فيخبروا بذلك في زمن واحد ، وهذا أمر خارق للعادة ، ولا يمكن قياسه على الشاهد.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ).
الأمر إما خاص أو عام ؛ لأن سائر الناس أيضا يكبرون في تلك الأيام ، غير أن الحجاج يكبرون في كل النهار ، وغيرهم يكبرون دبر الصلوات فقط ، وقد كان عمر يرفع صوته بالتكبير في صلاته ، فيكبر من خلفه ثم يكبر الناس كلهم ، حتى يسمع