ابن عطية : وقال الحسن : عذابه أن يردوا الدية فقط ، ويبقى أيضا عذاب الآخرة.
ابن عرفة : هذا شبيه ما قالوا في اليمين الغموس ، أنها أعظم من أن تكفر.
قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ).
ابن عرفة : فيه دليل لأهل السنة القائلين بأن لا حسن ولا قبح ، لأن الآية خرجت مخرج الامتنان لتعداد هذه إليه ، فدل على أنها تفضل من الله تعالى ، ولو كان القصاص واجبا في العقل لما حسن كونه نعمة ، ولما صح الإتيان به ، لأن ذلك تحصيل الحاصل ، قال الأصوليين والبيانيون : هذه أبلغ من قول العرب : القتل إنما للفعل ، وقدره ابن مالك في المصباح بأربعة أوجه :
أحدها : أن حروفها عشرة ، وأسقط منها من في ذات الوصل من القصاص لسقوطها في النطق وفي التفعيل ، أعني في الأول أن السخرية وحروف الفعل أبقى للقتل أربعة عشر.
الثاني : تنافر الحروف في المثل وتناسبها في الآية.
الثالث : لفظ الحياة محبوب ، فالتصريح باسمها أولى من الكتابة عنه لنفي القتل.
الرابع : صحة معناها ؛ لأن تنكير الحياة يفيد إما حياة عظيمة ، أو نوع من الحياة إشارة لحسنه وغرابته ، بخلاف المثل فإن معناه غير صحيح وحقيقته غير مرادة.
ابن عرفة : يظهر بإتيان الرابع إما بأن القتل في المثل مكرر ، فيجيء فيه نفي الشيء مطلقا يتناول القتل عدوانا مع أنه مراد ، والآية صريحة في نفي ذلك ، قال : والآية أصوب من وجه آخر ، وهو أنها تقتضي المساواة في جميع الوجوه ، بخلاف المثل فليس فيه تنصيص على المساواة ، قلت : وذكر الطبري في تأليفه في البيان ، والجعفري في شرح الشاطبية الصغرى : أن الآية تفضله من وجوه :
أحدهما : إيهامه التناقض لما فات الشيء نفسه أو العموم ، فيكون القتل ظلما أنفى للقتل قصاصا ، والمراد العكس ، بخلاف الآية فإنها صريحة في معناها من غير احتمال الثاني ، والآية عن التكرار وعن الإضمار بخلاف المثل ؛ لأن تقديره كراهية القتل أنفى للقتل الرابع سلامة ألفاظها بما يوحش السامع وتخصيصها بالحياة المرغوب فيها ، وبعدها عن تكرار قاتله القاف للضغط والشدة ، وتخصيصها بتكرار الصاد المستجلب باستلافها وإطباقها مع الصفاء للفصاحة الشائع فيها الطباق المعنوي بين القصاص