قال ابن عرفة : وغلط الزمخشري هنا في نقله عن مالك ؛ لأنه قال : مذهب مالك والشافعي أن الحر لا يقتل بالعبد ، والذكر لا يقتل بالأنثى أخذا بهذه الآية ، واختلفوا في هذه الآية ، فقيل : إنها منسوخة بآية المائدة ، وقيل : مجمله وتلك مبينة لها ، وقال ابن عرفة : [١١/٤٩] ابن العربي : تلك مجملة وهذه مبينة لها ، ابن عطية : وقال علي والحسن ابن أبي الحسن : إذا قتل رجل امرأة ، فإن أراد أولياؤها قتلوه ، ووفوا أولياءه نصف الدية وإلا استحبوه وأخذوا الدية ، وإذا قتلت امرأة رجلا ، فإن أراد أولياؤه قتلوها ، وأخذوا نصف الدية وإلا استحبوها وأخذوا دية صاحبهم كاملة.
قال ابن عرفة : نظائره في مذهبنا قولهم في كتاب الزكاة : إذا وجبت على الإنسان بنت لبون فاعطا له تدعى بنت مخاض ، وما نقصت قيمتها من قيمة بنت اللبون وأوجب عليه بنت مخاض ، وأعطاه بنت لبون ، وأخذ منه ما زادت قيمتها من قيمة بنت المخاض ، فالمشهور عدم الإجزاء ، وقيل : يجزئه.
قوله تعالى : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ).
ابن عطية : الإشارة إلى ما شرعت هذه الآية من أخذ الدية ، وكان عند بني إسرائيل في التوراة وجوب القصاص ولا دية عندهم ، وقال الطبري : حرم على أهل الإنجيل ، وكان الواجب عليهم إما القصاص أو العفو على غيرهم.
وقال الزمخشري : فرض على أهل الإنجيل العفو ، وحرم عليهم القصاص والدية.
ورده ابن عرفة : بوجهين :
الأول : ما نقله الطبري ، وهو حجة في التفسير.
والثاني : أن الأصوليين عدوا حفظ النفوس في الكليات الخمس التي أجمعت الملل كلها على حفظها ، وأيضا فهو مصادر لمقتضى الآية ؛ لأنه تكون شريعة للنصارى أحد من شريعتنا ، فلا يكون ذلك تخفيفا بل تثقيلا.
ابن عرفة : والتخفيف : هو أنه كان في الجاهلية تحتم القصاص من غير قبول العفو ، فصار الآن عقوبته إذا عفى عنه الولي أن يجلد مائة ويسجن عاما.
قوله تعالى : (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).