ابن عرفة : فيه دليل على أن من قال : أنا مؤمن فلا يحتاج إلى زيادة إن شاء الله ، وهو قول ابن سحنون ، قلت : قال ابن بطال في أوائل شرح البخاري هو قول أبي عبد الرحمن السلمي ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم التيمي ، وعون بن عبد الله والاستثناء قول ابن عبد الله الحكم ، وحمدين ، وابن عبدوس ، وأحمد بن صالح الكوفي ، فإن قلت : ونقلها بعض الطلبة عن الركراكي بالقيروان ، وكان صالحا أنه قال : لأمانة الله على الإسلام إن كان يعتقد أنه كامل الإسلام ، قلت : ونقل لي شيخنا الفقيه أبو العباس أحمد بن إدريس : إنما أراد في الحديث : المسلم من سلم الناس من لسانه ويده".
ابن عرفة : والصواب أنه إن أراد أنا مؤمن في الحال ، لم يحتج إلى زيادة إن شاء الله ، وإن أراد المستقبل فلا بد من زيادة إن شاء الله ، وهذه الآية إما خبر أو إنشاء ، فإن كانت خبرا فهو ماض ، لا يحتاج فيه إلى الاستثناء ، لأنه محقق عنده ، وإن كان إنشاء فمدلولها أحق ، وإذا كان حقا صح الإخبار عنه على ما هو عليه من غير استثناء ؛ لأنه حق.
ابن عرفة : والمسألة المتقدمة مذكورة في الفقه ، وهي المعالم الفقهية ، وقال أبو حيان : هنا في إبراهيم وإسماعيل الوجه أن يجمعا جمع سلامة ، فيقال : إبراهيمون وإسماعيلون.
قال ابن عرفة : كان بعضهم يمنع تلك فيه ؛ لأنه عجمي والله أعلم.
قال الزمخشري : والأسباط حفدة يعقوب أبناءه الاثني عشر ، وقال ابن عطية : هم أولاد يعقوب ، وهم روبيل وشمعون ويهودا وداني ولاوى وكرد ، إن قلت : تقدم لنا في الختمة التي قبل هذه ، قال بعض الطلبة لابن عرفة : ما الحكمة في تخصيص أول الآية بلفظ الإنزال ، وثانيها بالإيتاء ، فقال ابن عرفة : لفظ الإنزال صريح فيما أنزل من أعلا إلى أسفل ، ولفظ الإيتاء محتمل لأن يكون من الشمال ، واليمين ، والأمام ، والعلو ، والنصارى مؤمنون بما أنزل على عيسى ، واليهود مؤمنون بما أنزل على موسى فأسند الإيتاء إلى موسى وعيسى لأنهم لا احتمال ولا شك ، ولما كانوا شاكين في المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم وعلى آل إبراهيم وما بعده ، وبعضهم يدعي أنهم نقلوه من الكهان ، إما فيه باللفظ الصريح الدال على نزوله من أعلى إلى أسفل ، ولهذا لما قال : (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) لينفي هذا الاحتمال ، فرد عليه بردين :