يعرض له الناسي إذا بعد أمره ، والمستقبل يشتد الحزن منه متى قرب أمره ويتزايد أمره ويتأكد ثبوته في النفس فبقي كل واحد منهما على ما هو عليه ، فإن قلت : هلا كان العقل لأنه يتجدد زيادة ، قلنا : التجديد تأكيد لثبوت الخوف في النفس وليس هو أمرا مغايرا للأول بوجه.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ).
ابن عرفة : الواو إما عاطفة فالعامل إليه اذكروا المتقدم أو الاستئناف والعامل فيه اذكروا مقدرا ، قلنا الذي قدره المفسرون ، عند قوله : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) [سورة الأعراف : ١٧١] الفخر ابن الخطيب : وجه مناسبتها لما قبلها ؛ لأنه نعمة ، وقال ابن عرفة : الصواب أنها وعظ لأن قبلها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) في آخره وهو وعظ ونعمة لجميع الملل ، ولما كانت بنو إسرائيل هم أقرب الناس إلى الإيمان والإتباع لوجهين : إما لأن ملتهم أقدم من ملة النصارى ، وإما لأنهم كانوا أكثر أهل المعرفة وإيمانهم سبب في إيمان غيرهم قصتهم وفرارهم سبب في امتناع غيرهم أكد ذلك بإعادة الوعظ لهم بخصوصيتهم في هذه الآية ، ولذلك كررت قصتهم في القرآن غير ما سورة أكثر مع تكرر غيرها من القصص قوله تعالى : (مِيثاقَكُمْ) إنما أن يريد ميثاقكم في آبائكم ، أو المراد المخاطبين الموحدين خير ما أنالوه ، والمراد الجمع ؛ لأن أخذ كان على آبائهم وعلى من يأتي بعدهم من ذريتهم إلى قيام الساعة ، وضعف الثاني بقوله : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) ، وأجاب ابن عرفة : بأن المراد رفعنا فوق آبائكم وفوقكم ، قال أبو حيان : حال من الطور وضعف كونه حالا من الضمير في رفعنا لما يلزم عليه إبهام كون الرافع في مكان ، فإن قلنا : العقوبة تستلزم الرفع ، قلنا :
قد يكون إنسان فوق آخر بمقدار قامة فيقال رفعه عليه إذا علوت عليه مقدار قامتين.
ابن عرفة : (وَرَفَعْنا) إما حال من الطور ... (١) أي أخذنا ميثاقكم في هذه الحالة ، والمراد أخذنا عليكم الميثاق فلم يقتلوا فرفعنا فوقكم الطور كما قال المفسرون في سبب نزول الآية ، ابن عطية خلق الله وقت سجودهم الإيمان الجبري وألا يجبر الكفار على الإيمان ونقابلهم في قلوبهم ؛ لأنهم آمنوا كرها ، وقلوبهم غير مطمئنة ، وابن عرفة : المذهب اعتبار الإيمان الجبري ولا يجبر الكفار على الإيمان ونقابلهم عليه
__________________
(١) طمس في المخطوطة.