أخذ منه المازري استسقاء المخصب للمجدب ؛ لأن موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام لم ينله ما ناله من الاحتياج ، وقد استسقى لهم ، ورده ابن عرفة : بأنه نبي مرسل إليهم وهو معهم فليس مثل هذا.
قوله تعالى : (فَانْفَجَرَتْ).
أجاز الزمخشري [٥/٢٥] الفاء أن تكون جواب شرط مقدر أي فإن ضربت فقد انفجرت ، ورده أبو حيان بأن الشرط لا يحذف وإن سلم فيلزمه فساد التركيب والمعنى ؛ لأن الشرط وجوابه مستقبلان وانفجرت ماض لفظا ومعنى ولأنه المفهوم من الآية ، قال تعالى : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ).
وأجاب المختصر بأن (اضْرِبْ) أمر ماض بمعنى الشرط فليس فيه حذف ، ومنع فساد المعنى والتركيب بأنه كقوله تعالى : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) [سورة فاطر : ٤] قال : فجوابه محذوف أي فإن كذبوك فاصبر ولا تيأس ؛ لأنه كذبت رسل من قبلك وإن ضربت ونحوه فإنه قد انفجرت ، أي أردنا وحكمنا أنها انفجرت قال ابن عرفة : قد يقال أن : يكذبوك فعل ماض ، وعبر عنه بالمستقبل لأجل التصديق فهو حكاية مستقبل معنى أي كان مستقبلا فصار ماضيا ولا سيما أنهم حين نزول الآية كان التكذيب قد وقع منهم ؛ لأنها ليست من أول ما نزل وكذلك قوله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) [سورة آل عمران : ١٤٠] قالوا : نزلت في غزوة بدر ، وقد كان ذلك واقعا قبلها ويمكن أن يكون معنى تلك الآية وأن يدوموا على تكذيبك ولا يزال الشرط مستقبلا وقول السفاقسي : أن اضرب مضمن معنى الشرط فقال له الزمخشري : جعل الفاء جواب شرط مقدر ؛ لأنها جواب شرط مفهوم من الأمر فلم يتواردوا على محل واحد.
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى).
الإقبال والخطاب تأكيد لما تضمنه الكلام من المدح ، والإكرام ، والذم ، والتوبيخ.
قوله تعالى : (لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ).
انظر ما فيه من الجفاء والغلظة والجهل لقولهم : (لَنْ نَصْبِرَ) وبقولهم : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) ، ولم يقولوا : أرنا أو جعلوه واحدا إما من جهة أنه كله خير وأدام للخير وليس فيه خير بوجه ، وإما من وسلوى كل يوم يعينه من غير أن يتبدل.