بدل ما قيل له لا لغيره ، فالجواب بوجوه : إما بان في الآية حذفا ، أي فبدل الذين ظلموا فقالوا قولا غير الذي قيل لهم ، ويكون ذلك تفسير التبديل كيف هو ، وإما بأن يشرب بدل معنى أتى أي فأتى الذين ظلموا قولا ، وإما بأن يكون بدل متعدي إلى الثاني على إسقاط حرف الجر أي فبدل الذين ظلموا قولا بغير الذي قيل لهم ، وذكر أبو حيان : أن بدل قد يتعدى إلى المبدل ، وهو المعطى بنفسه وإلى المبدل وهو المأخوذ بواسطة حرف الجر ، وأنشد عليه :
وبدلنا والدهر ذو تبدل |
|
هيفاء دبور بالصبا والشمال |
والتقدير هذا فبدل ظلموا قولا غير الذي قيل لهم بالقول الذي قيل لهم.
ابن عرفة : وهو كقوله تعالى : (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ) [سورة سبأ : ١٦] ، وأخذ منه منع نقل الحديث بالمعنى ، ورد بأنهم إنما ذموا على تبديل اللفظ والمعنى ، وأجيب بأن الذم إنما علل تبديلهم القول والقول إنما يطلق على اللفظ فقط ، وأيضا فعلى أن هذه اللفظة متعبد بها فلذلك ذموا على تبديلها ، ورده ابن عرفة : بأنه يلزمكم التعليل بأمرين ، قال القاضي أبو جعفر بن الزبير ، وقال هنا : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) فعم ثم خصص ذلك العموم بالأعراف بزيادة منهم ؛ لأن المخاطبين ليسوا سواء في الامتثال ، قال تعالى : (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) [سورة آل عمران : ١١٠] ، فلذلك أعاد الظاهر هنا قال : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، لتختص العقوبة بالظالمين ، ولو قال عليهم لاحتمل العموم وهو غير مقصود ، قال : فإن قلت : لم قال هنا : (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ، وفي الأعراف : (بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) [سورة الأعراف : ١٦٢] ، فأجاب : بأن في البقرة وصفهم أولا بالوصف الأعم الصادق على أدنى المعاصي وأعلاها ، وهو الظلم ثم بالأخص وهو الفسق ، فقال : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ، ثم قال : (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ، وفي الأعراف وصفهم بالظلم ، في قوله : (بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) ، ثم بالفسق ، فقال : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) [سورة الأعراف : ١٦٣] ، إلى قوله : (كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) [سورة الأعراف : ١٦٣].
قوله تعالى : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ).