قال ابن عرفة :
والقرية التي أريد بها بيت المقدس فصيغة افعل للطلب وإن أريد بها أريحا فهي
للإباحة.
قيل لابن عرفة
: هذا أمر ورد عقب الحظر فهو مطلق ، فقال : لم يرد عقيب الحظر ، القول : إنما ورد
عقب المنع الخبري المعلن بالبقاء في أرض ، وعدم التمكن من الخروج منها أربعين سنة
، ولم يقع هنا نهي ، والقول حتى يكون هذا أمر بعده ، قيل له : قد قال تعالى : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ
أَرْبَعِينَ سَنَةً)
، فقال : إخبارا
عن واقع لأنهم كلفوا بالبقاء فيها وعدم الخروج بل منعوا من ذلك مهامهم ليس
باختيارهم لأجل التكليف به بل جبرا واضطرارا لأجل عدم قدرتهم على الخروج ، قال :
وعموم حيث شئتهم مخصوص بالمساجد ، فإنه يمتنع الأكل فيها.
قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً).
أعيد لفظ
ادخلوا ؛ لأجل وصفهم سجدا فليس بتكرار ، والسجود المراد به الركوع لتعذر الدخول
حالة السجود أو يكون حالا مقدرة ، فيكون الدخول سابقا على السجود ، واحتج بابن
التلمساني على أن الواو لا تفيد ترتيبا لكون المقدم هنا مؤخرا في سورة الأعراف ،
فلو كانت الواو للترتيب للزم عليه إما التنافي بين الآيتين أو المجاز في إحداهما ،
وأجاب بأنه قصد تكليفهم بالجمع بين السجود والقول في حالة واحدة ؛ لأن الأمر حصل
له وصف الاستقلال بالتقديم.
قوله تعالى : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ).
قال الفخر :
يحتج بها على تقدير المعتزلة ، في قولهم : إن قبول التوبة واجب عقلا لأجل ما
اشتملت عليه من أوصاف الامتنان بتعداد النعمة وغفران الخطايا نعمة وتفضل ؛ لأنه
واجب لأجل التوبة ، ورده ابن عرفة : بأنهم يقولون : أن الامتنان بهذه النعمة معرف
بطريق التوبة والخطايا مرتفعة بالتوبة.
قوله تعالى : (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
قال لما تضمن
الكلام السابق حصول المغفرة لهؤلاء وعدم المؤاخذة بالذنب فقط من غير زيادة على ذلك
أفاد هذا أن المحسنين لهم مع ذلك ثواب جزيل ، وعبر عنهم بالاسم تهيجا على الاتصاف
بذلك ، وإشارة إلى تلك الزيادة ، وإنما هي لمن بالغ في الإحسان وحصل منه الخطأ
وافى لينالها من حصل مطلقه ، وإذا به فإن قلت : لم قال :
هنا (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ
الْقَرْيَةَ فَكُلُوا)
، وفي الأعراف : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ