الغير فيه ، وأيضا فالإنعام على الشخص يطلق على ما قاله مباشرة وبواسطة كالإنعام على قريبه وصديقه ، فذكروا بما نالهم من النعمة مباشرة.
قوله تعالى : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ، ابن عطية : أي عالمي زمانهم ، الزمخشري : أي على الجم الغفير ، ابن عرفة : جعله ابن عطية عاما في الأشخاص خاصا في الزمان ، والزمخشري : بالعكس والتخصيص في الزمان أولا ؛ لأن العام في الأشخاص مطلق في الأزمنة والأحوال ، وفرق المنطقيون بين الكلية الداعية والكلية المطلقة ، وقرره ابن عرفة مرة أخرى ، فقال : الألف واللام عند ابن عطية للعهد ، وعند الزمخشري للجنس ، قوله : كل إنسان أبيض إن أردت باعتبار الأمر الذهني فهو كاذب ، وإن كان باعتبار الوجود الخارجي فهو صادق بما إذا كان أهل زمانك كلهم بها ، زاد الفخر أنه عام في الأشخاص والزمان مطلقا في أنواع التفضيل فلعلهم فضلوا عليهم لفرع واحد إما بالتخصيص على أن فيهم الأنبياء والملوك ، قال الله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) [سورة المائدة : ٢٠] ، فقال ابن عرفة : هذه الأدلة ظاهرة ، وليست بظاهرة ولا ينبغي أن يصرح بكونهم أفضل من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ولا خصلة واحدة ، ابن عرفة : والنعمة يحتمل أن يراد بها أمر حسي ، والتفضيل معنوي فيكون الكلام تأسيسا أو يكون عامة في جميع النعم ، فيكون (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) من عطف الخاص على العام أو مطلقه تصدق على واحدة غير معينة فيكون من عطف الأخص على الأعم ، والمقيد على المطلق.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً) ، اتقوا عذاب يوم ، ابن عرفة : ولا بد من تقدير هذا هو المضاف ؛ لأن اليوم إن أعربته مفعولا لزمك تكليف ما لا يطاق ؛ لأن يوم القيامة لا بد لهم منه فلا يصح تكليفهم بأن يجعلوا بينهم وبينه وقاية ، وإن أعربته ظرفا لم يصح أمرهم بالتقوى فيه ؛ لأنه ليس محلا للتكليف بوجه.
قوله تعالى : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) أي جزاء ، فقيل : النصرة لأن الإنسان لا يرجع إلى الشفاعة إلا إذا لم يقدر على النصرة لا بيده ولا بجنده فإن علم أنه عاجز يشفع ، فإن لم يقبل منه افتدى بالمال ، قال ابن عطية : وهذه الآية إنما تجيء في الكافرين بالإجماع والتواتر الحديث بالشفاعة ، ابن عرفة : قال ابن الصلاح : لم يصح من حديث الشفاعة غير حديثين ، ابن عرفة : فلعل هذا يكون التواتر فيها معنويا لا لفظيا