كتواتر شجاعة علي وجود حاتم ، قال : هنا ولا يقبل منها شفاعة ، ولا يقبل منها عدل ، وقال في الخبر الذي بعده : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) فأخر الفداء بالمال هنا عن الشفاعة ، وقدمها هنا فأجاب الفخر الخطيب : بأن ذلك على حسب حال الناس فواحد يرغب في المال وشح فيه فيأتي بالشفاعة وآخر يرغب في الحياة والحرمة فيهون عليه بذلك المال صيانة لحرمته ، وأجاب الفقيه أبو جعفر أحمد بن الزبير ابن العاصمي الثقفي بأن هذه الآية تقدمها : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) ، والأمر بالباء مظنة الامتثال والقبول ، فيكون مظنة الترجي لأمرين فأنى أن يشفع فيهم يوم القيامة من امتثال أمرهم ألا ترى قوله تعالى : في المنافقين : (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) [سورة الحديد : ١٤] فقد نسبوا للمؤمنين الكون معهم فأحرى أن يتعلق هؤلاء بالخط على الخبر والدلالة عليه فكان الآكد هنا نفي الشفاعة فبدأ به ولم يتقدم في الآية الأخرى ما يستدعي عن هذا فبدأ بالفدية التي عهد في الدنيا أنها أمكن في التخلص ، قال ابن عرفة : واحتج بها المعتزلة على إنكار الشفاعة وحملها أهل السنة على أنها في الكفار خاصة بهم كما تقدم ، وقال الفخر : بل هي حجة على المعتزلة ، ابن عرفة : إنه لا ينفي إلا ما هو قابل للنفي في الكفار ليسوا بقابلين للشفاعة بوجه خلاف العصاة ، ابن عرفة : بأنهم قابلون لها باعتبار الدعوى بقولهم هؤلاء : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [سورة يونس : ١٨] فقد ادعوا أن لهم شفعاء.
قوله تعالى : (إِذْ) أنجاكم (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ).
ابن عرفة : معطوف على : (اذْكُرُوا) ، وعطف الجملة على الجملة أو على نعمتي فالعامل فيه : (اذْكُرُوا) لتقدم عمل الفعل في المفعول به ، أو عطف على : (عَلَيْكُمْ) فالعامل فيه أنعمت على الفعل في الظرف ، قلنا : وهذا باطل ؛ لأن أنعمت صلة الموصول فكذلك معمولها وما عطف عليه ، وقد فصل بينهما بأجنبي وهو : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) ولفظ محل ولفظ النسبة فإنها لا تعقل إلا بالسنين المناسبين ، قال ابن عطية : وإنما نسب الفعل إلى آل فرعون وهم إنما فعلوه إما شرعهم ذلك ، قال الطبري : فيقتضي أن من أمن ظالم بقتل أحد فقتله إنه المأخوذ به المأخوذ لا الأمر قال ابن عرفة : هذا هو المشهور عندنا ، وذكرها ابن رشد في البيان : أظنه في كتاب السلطان واللخمي في الغصب ، وذكر ابن يونس في الفروع التي في آخر الغصب عن ابن زيد من أخر لهم لصوصا أو غاصبا بمظهر رجل ، ومن