لما عصتا من عذاب الله شيئا ، وهذا بيان صريح على أن العذاب يدفع بالطاعة لا بالشفاعة ، وقيل لهما : ادخلا النار مع الداخلين لها ممن ليس لهم صلة بنبي أو غيره.
وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون وكانت مؤمنة صالحة ، أى : جعل حالها العجيب مثلا لحال المؤمنين في أن صلتها بالكافرين لم تضرها شيئا ، ما دامت هي تقوم بالعمل الصالح ، ضرب الله مثلها إذ قالت عند تعذيب فرعون لها : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ، ونجنى من فرعون وعمله ، ونجنى من القوم الطغاة الظالمين.
وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم ابنة عمران أم عيسى ـ عليهالسلام ـ التي أحصنت فرجها وحفظته ، لأنها العفيفة الحصينة المبرأة من العيب ، يا سبحان الله هذا هو وصف القرآن لمريم البتول الطاهرة. فنفخ الله فيه من روحه ، والنافخ هو جبريل بأمر الله ، نفخ في فرجها وفي جيب قميصها روحا من الله ، فحملت مريم عيسى ، والإضافة التي في قول الله : من روحنا للتشريع والتكريم ولأنه روح وصلت إلى مريم بلا واسطة أب.
وصدقت مريم بكلمات ربها حيث قال لها جبريل : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (١) صدقت بشرائع الله وكتبه ، وكانت مريم من سلالة القوم الطائعين القانتين.
__________________
١ ـ سورة مريم آية ١٩.