طاعة وقول معروف خير لهم وأولى بهم (١) وقيل المعنى : أولى بهم من النظر إليك نظر المغشى عليه من الموت طاعة وقول معروف (٢).
فإذا عزم الأمر وجد الجد ، فلو صدقوا الله في نيتهم وأخلصوا العمل لكان (٣) خيرا لهم وأفضل من نفاقهم وكذبهم ، فإن وبال ذلك عليهم وحدهم.
فهل يتوقع منكم إن توليتم عن الحق ، وأعرضتم عن القرآن أن تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ، وتقطعوا الأرحام؟ وهذا التوقع والاستفهام إنما يكون مع غير الله من كل إنسان يقف على أمور المنافقين ، ويعرف إسرارهم على حقيقته ، والتوقع من الله إنما هو إخبار عن شيء حاصل قطعا وعلى ذلك فمعنى الآية : هؤلاء المنافقون ضعاف في الدين شديد والحرص على الدنيا بشكل ظاهر ، فهم جديرون بأن يتوقع منهم الإفساد لا الإصلاح وتقطيع الأرحام لا صلتها ، كل إنسان عرف حالهم ويقول لهم : فهل عسيتم ...؟ والمراد بإفسادهم وتقطيع الأرحام أنهم يعودون إلى الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء التي كانوا فيها ، يعودون إليها بعد أن رأوا نور الهدى على يد خير الخلق ، وبين سطور القرآن الكريم ، فهل يفهم المسلمون الآن أنهم تولوا عن القرآن وأعرضوا عن الدين فأفسدوا في الأرض الفساد ، وقطعوا وشائج الأرحام فصب عليهم ربك سوط عذاب حتى وصلوا إلى ما وصلوا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!
أولئك الذين لعنهم الله وأبعدهم عن رحمته ، فأصمهم عن الحق فلم يسمعوه وأعمى أبصارهم عن النور فلم يروه.
أفلا يتدبرون القرآن ، وما فيه من مواعظ وزواجر؟ حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات؟!
بل أعلى قلوب أقفالها؟ حتى لا يمكن التدبر والاتعاظ بها ، وهم كذلك.
__________________
١ ـ وعلى ذلك فطاعة مبتدأ وخبره محذوف تقديره خير لهم.
٢ ـ وعلى ذلك فأولى مبتدأ ولهم متعلق به على أن اللام بمعنى الباء وطاعة خبر.
٣ ـ جواب الشرط (إذا) قوله : فلو صدقوا الله ، ولا يضر اقترانه بالفاء ، وجواب (لو) قوله : لكان.