المفردات :
(دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ) يقال : دمره الله : أهلكه ، ودمر الله عليه : أهلك ما يختص به من المال والنفس ، والعبارة الثانية أبلغ. (مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) : ناصرهم ومتولى أمورهم. (مَثْوىً لَهُمْ) : محل إقامة ، يقال : ثوى بالمكان : أقام به. (وَكَأَيِّنْ) : بمعنى كم من قرية ، والمراد كثير من القرى. (بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) : على حجة وبرهان ، والمراد أنه يسير على هدى القرآن.
المعنى :
أقعدوا فلم يسيروا في الأرض فينظروا نظر اعتبار بقلوبهم كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من الأمم التي كذبت رسلها كقوم عاد وثمود وأصحاب القرية وقوم لوط فإن آثار ديارهم تنبئ عن أخبارهم! وكأن سائلا سأل وقال : كيف كان عاقبتهم؟ فأجاب الحق ـ تبارك وتعالى ـ : دمر الله عليهم ، وأهلك كل ما يختص بهم من النفس والمال والأهل والولد ، ولم يبق إلا آثارهم الشاهدة عليهم.
وللكافرين المشركين من قريش أمثال عقوبتهم ، وقد قتلوا وأسروا يوم بدر بأيدى من كانوا يسومونهم سوء العذاب ، هؤلاء هم الكفار ، وهذا عذابهم في الدنيا ، ولا غرابة في ذلك ، فالله مولى الذين آمنوا ينصرهم ويهديهم ويرشدهم إلى ما فيه خيرهم ، والكافرون لا مولى لهم ينصرهم من آلهتهم وشركائهم الذين عبدوهم من دون الله.
وأما حالهم في الآخرة : فاعلم أن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها نعيم مقيم ، والذين كفروا في الدنيا يتمتعون بمتاعها الفاني أياما قليلة ، ويأكلون أكلا كأكل الأنعام أكلا مجردا عن التفكير والنظر إلى عواقب الأمور ، فهم يأكلون غافلين عن الآخرة والحال أن النار مثوى لهم.
فانظر إلى من عرفوا الدنيا على أنها خيال باطل ونعيم زائل ، فتركوا الشهوات وتفرغوا لعمل الصالحات ، فكانت عاقبتهم النعيم المقيم في مقام كريم ، وهؤلاء الكفار