يقال : أفك يأفك أفكا بمعنى صرف وقلب عن الشيء ، والإفك : الكذب. (عارِضاً) العارض : السحاب الذي يعترض في الأفق. (تُدَمِّرُ) : تهلك ، والتدمير : الهلاك كالدمار. (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) : بيناها لهم. (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ) : هلا نصرهم. (قُرْباناً) القربان : كل ما يتقرب به إلى الله من طاعة. (إِفْكُهُمْ) أى : كذبهم ، وقرئ أفكهم أى : صرفهم.
هذه القصة تذكر أهل مكة بقوم هود ، وما حل بهم ، وقد كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعا فلما كفروا أرسل الله عليهم جنده فأبادهم ، فهل من مدكر؟!!
المعنى :
واذكر يا محمد لأهل مكة هودا أخا عاد إذ أنذر قومه ، وقد كانوا يسكنون الأحقاف فقال لهم : لا تعبدوا إلا الله الذي خلقكم ورزقكم لأنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم هوله ، وأعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله ، والذين سيبعثون بعده كلهم ينذرون قومهم بهذا الإنذار ؛ وهو ألا يعبدوا إلا الله.
فماذا كان قولهم إزاء هذا؟ (١) قالوا : أجئتنا يا هود لتأفكنا عن آلهتنا وتصرفنا عن عبادتها ، وقد عبدها آباؤنا ومن هم خير منك؟!
وإذا أصررت على دعوتك وما تقوله لنا من إنذار فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال لهم : إنما العلم عند الله ، فهو وحده الذي يعلم متى يأتى العذاب ، وإنما أنا رسول فقط لا علم لي بشيء ، وظيفتي البلاغ ، أبلغكم ما أرسلت به إليكم ، ولكني أراكم قوما تجهلون الحقائق العامة.
ظلوا على هذا الحال ، ودام عنادهم حتى حقت عليهم الكلمة وحل بهم ما استعجلوه وأنكروه ، فلما رأوه حالة كونه معترضا بين السماء والأرض يملأ الأفق يتهادى
__________________
١ ـ هذه إشارة إلى أن (قالوا) وقعت جوابا عن سؤال فهو استئناف بيانى.