الجوهريَّ لم يقل : « إذا هَمَزتَ فرجلٌ مُرْجٍ كمُعْطٍ » بل قالَ : « إذا لم تَهمِز قلتَ : رجل مُرْجٍ ، مثالُ مُعْطٍ » وهو صحيحٌ بل متعيَّنٌ.
الثَّالثةِ : قولُه « وهُم المُرْجِئَةُ بالهمزِ ، والمُرْجِيَةُ بالياءِ مُخَفَّفَةً لا مشدَّدَةً ، ووَهِمَ الجوهريُّ » ، فإنَّه تَوَهّمَ أنَّ الجوهريَّ أراد بقولِه : « وهُم المُرْجِيَّةُ بالتّشديدِ » اسم الفاعلِ ، وإنَّما أراد النّسبةَ مع عدم الهمز ، وهو صحيحٌ ، وكيف يَتَوهّمُ أنَّه أراد به اسمَ الفاعل مع قوله : « إذا لم تَهمِز قلتَ : رجلٌ مُرْجٍ مثالُ مُعْطٍ »؟! ولكنْ هذا الرَّجلُ أُغرِيَ بِتتبُّعِ العَثَراتِ مع سوءِ فهمِهِ ، والله المستعان.
الكتاب
( وآخَرُونَ مُرْجَئُونَ لأمرِ اللهِ ) (١) مؤَخَّرونَ موقوفونَ لما يَرِدُ من الله فيهم من عذاب أو توبة.
( قالُوا أَرْجِئْهُ وأخاهُ ) (٢) أخِّر أمرَهُ وأمرَ أخيهِ ، ولا تَعجَل بقتلِهِما ؛ وعن الكَلبِيِّ وقَتادَةَ : احبِسْهُ وأخَاهُ (٣) ، وهو خلافُ اللغةِ ، إلاَّ أن يقال : حَبْسُ المرءِ نوعٌ من التأخير في أمره.
( تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وتُؤْوِي إليكَ مَنْ تَشَاءُ ) (٤) تؤخِّرُ من تشاءُ منهنَّ وتَضُمُّ إليكَ من تشاءُ ، أي تتركُ مضاجعةَ من تشاءُ منهنّ وتضاجعُ من تشاءُ ، أو تُطلِّقُ من تشاءُ وتُمسِكُ من تشاءُ ، أو لا
__________________
(١) التّوبة : ١٠٦ ، على قراءة ابن كثير أبي عمرو وابن عامر أبي بكر ويعقوب ، انظر إتحاف فضلاء البشر ٢ : ٩٧. وحجة القراءات : ٣٢٣. وقراءة المصحف : « مُرْجَوْنَ ».
(٢) الاعراف : ١١١ ، الشّعراء : ٣٦ على قراءة أبي عمرو ، انظر البحر المحيط ٤ : ٣٦٠. وقراءة المصحف : « أَرْجِهْ ».
(٣) انظر تفسير الطّبري ٩ : ١٢ ، وتفسير ابن أبي حاتم ٥ : ١٥٣٣.
(٤) الأحزاب : ٥١ ، على قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي بكر ، انظر حجّة القراءات : ٥٧٨.