إلى تأخير تحريم صفرٍ أخَّروهُ إلى شهر ربيع الأوّل ، وكانوا يَصنَعونَ هكذا ؛ يؤخِّرونَ شهراً بعدَ شهرٍ حتى استدارَ التحريمُ بأشهرِ السَّنةِ كلِّها.
وإنّما قالَ : « زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ » أنّهُ تحليلٌ لِما حرّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ وتحريمٌ لِما حلّلَهُ ، فهو كفرٌ آخَرُ مضمومٌ إلى كفرِهِم.
( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ) (١) قَرَأَ ابنُ كثيرٍ وأبو عمروٍ : « نَنْسَأْهَا » (٢) بالهمز كمَنَعَها ، من النَّسْءِ بمعنى التأخير ، أي نؤخِّرُها إما بإنسائِها من الصدور والذهاب بحفظِها من القلوب ، أو بإبطالِ حكمِها وتلاوتِها ـ والنَّسخُ : إبطالُ الحكمِ دونَ التلاوةِ ـ أو نؤخِّرُ إنزالَها من اللوحِ المحفوظِ ، أو نؤخِّرُ نسخَها ، فلا نَنسَخُها في الحالِ.
( تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ) (٣) أَي عصاهُ ، وقَرَأَ ابنُ جبيرٍ (٤) : « مِنْ سَأَتِهِ » ؛ فَصَلَ « مِنْ » وجَعَلَها حرفَ جرٍّ ، وجَعَلَ « سَأَتِهِ » مجرورةً بها. والسَّأَةُ كدَعَةٍ : العصا ، مستعارةٌ من سَأَةِ القوسِ ـ لغةٌ في سِيَتِها ـ وهي ما عُطِفَ من طرفَيها ، والمعنى : تَأكُلُ من طرفِ عصاهُ.
الأثر
( صِلَةُ الرَّحِم مَثْرَاةٌ في المَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الأَجَلِ ) (٥) « مِفْعَلَةٌ » من النَّسْءِ ، أي سببٌ لتأْخيرِ الأجلِ ، كما وَرَدَ ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْسَأَ فِي أَجَلِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) (٦).
( لَا تَسْتَنْسِئُوا الشَّيْطَانَ ) (٧) أي إذا نَوَيتُم خيراً فلا تؤخّروا فعلَهُ ، كأنّ
__________________
(١) البقرة : ١٠٦.
(٢) انظر كتاب السبعة : ١٦٨ ، حجّة القراءات : ١٠٩ ، البحر المحيط ١ : ٣٤٣ ، مجمع البيان ١ : ١٠٠.
(٣) سبأ : ١٤.
(٤) انظر المحتسب ٢ : ١٨٦ والبحر المحيط ٧ : ٢٦٧.
(٥) الزهد : ٤١ / ١١٠ ، مجمع البحرين ١ : ٤١٤.
(٦) النهاية ٥ : ٤٤.
(٧) غريب الحديث للخطّابيّ ٣ : ١٩٤ ، الغريبين ٦ : ١٨٢٩.