فلا يكون منك نسيانٌ له ، أو « لا تَنسى » نهيٌ ، والألفُ لمراعاةِ الفاصلةِ ؛ نحوَ : ( فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) (١).
( إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) (٢) أي علينا جمعُ القُرْآن في صدرِكَ وتوفيقُك لدراستِه وحفظِه ، أو إثباتُ قِراءَتِه في لسانِك ، أو سيُعيدُ عليك جبرائيلُ قِراءَتَهُ بأَمرِنا ..
أو جمعُهُ : ترتيبُهُ على ما هو عليهِ في الخارجِ ..
وقِراءَتُهُ : جمعُهُ في ذهنِهِ ؛ مِنْ قَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً : ضَمَمتُ بعضَهُ إلى بعضٍ.
فَإِذا قَرَأْناهُ بقِراءَةِ جبرئيلَ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ معقِّباً لقِراءَتِهِ غيرَ مراسلٍ له ، فلا تكن قِراءَتُكَ مقارنةً لقِراءَتِهِ ، بل يَجِبُ أَنْ تَسكُتَ حتّى يُتِمَّ جبرائيلُ القِراءَةَ ثُمَّ تَأخُذُ أنتَ في القِراءَةِ.
( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (٣) قالَ الأصمعيُّ : جاءَ هذا على غير قياسٍ ، والقياسُ « ثلاثةَ أَقْرُؤٍ » ؛ لأَنَ القُروءَ للجمعِ الكثيرِ ، ولا يَجوزُ أَنْ يقالَ : ثلاثةُ فُلوسٍ ، بل ثلاثةُ أَفْلُسٍ ، فإذا كَثُرَتْ فهي الفلوس (٤).
وأُجِيبَ : بأنّ المرادَ ثلاثةٌ من القُروءِ ، أو لمَّا كانتْ كلُّ مطلّقةٍ يَلزَمُها هذا دَخَلَهُ معنى الكثرةِ ؛ فالقُروءُ كثيرةٌ وإن كانت في القسمةِ ثلاثةً ، أو هو من إِيرادِ جمعِ الكثرةِ في مقام جمعِ القلّةِ بطريقِ الاتِّساعِ ؛ فإِنَّ إيرادَ كُلٍّ من الجمعينِ مكانَ الآخَرِ شائِعٌ ذائعٌ.
( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (٥) أي صلاةَ الصبحِ ؛ تسميةً للشيءِ ببعضِ أجزائِهِ ، كتسميتِها ركوعاً وسجوداً وقنوتاً.
« كانَ مَشْهُوداً » تَشهَدُهُ ملائكةُ الليلِ
__________________
(١) الأحزاب : ٦٧.
(٢) القيامة : ١٧ و ١٨.
(٣) البقرة : ٢٢٨.
(٤) انظره في التهذيب ٩ : ٢٧٢.
(٥) الإسراء : ٧٨.