الكافر ، ولا يأبى بمثله إلى المسلم ، وقد وصفنا أن الكفارة للتألم بإخراج ما أمر بإخراجه عن ملكه ، مع ما في القرآن دليل على جواز اصطناع المعروف إليهم ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) [البقرة : ٢٧١ ، ٢٧٢] ، ثم قال ـ أيضا ـ بعد ذلك : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) [البقرة : ٢٧٢].
وذكر في القصة أن بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا قد امتنعوا عن الإنفاق على أقربائهم لما أبوا الإسلام ؛ فنزلت هذه الآية ؛ فهذا يبين ذلك [و] أن في الاصطناع إليهم وإعتاقهم يكون تكفيرا.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فتأويله عند أبي حنيفة ـ رحمهالله ـ : أي : عتقا لا مسيس فيه ؛ لأن عنده الإعتاق يحتمل التجزؤ : أنه يعتق نصفه ، ثم النصف الآخر ؛ فيشترط أن يعتق النصفين جميعا قبل المسيس ، حتى لو مسها فيما بين ذلك يلزمه استئناف العتق ، وعلى هذا التأويل قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، أي : صوم شهرين لا مسيس فيه ، حتى لو واقعها في وقت لم يتم صوم شهرين بعد يلزمه الاستئناف ، وكأن معناه : لا مسيس في خلال الكفارة ؛ فمتى وجد المسيس في وقت لم يتم الكفارة بعد يلزمه الاستئناف ، وتأويل قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) عند أبي يوسف ـ رحمهالله ـ : أي : يعتق قبل وقت المسيس ، ويصوم كذلك. ويقول بأن الآية خرجت لبيان وقت التكفير فيه : حتى إذا جامع امرأته في صوم الظهار أنه لا يستأنف الصوم ، بل يصوم الباقي ؛ إذ قد فات عن وقته فصار قاضيا عما عليه ، وليس بعد الجماع وقت لذلك الصوم ، بل يكون ذلك على القضاء ؛ فيجوز متفرقا ومتتابعا ؛ كصوم شهر رمضان : لما تعين له وقت الأداء ، ثم فات الوقت لا يجب متتابعا ؛ بل يجوز متفرقا ، كذا هذا ، ولا يتصور المسألة في الإعتاق ؛ لأنه لا يتجزأ عنده.
ولا خلاف أنه إذا جامع بعد ما أطعم ثلاثين مسكينا أنه لا يلزمه استئناف الطعام ، ولا خلاف أنه إذا جامع قبل الكفارة لا يلزمه شيء سوى التوبة والاستغفار في قول عامة الفقهاء.
وعند بعضهم يلزمه كفارتان.
لأبي يوسف ـ رحمهالله ـ ما ذكرنا ، ولأنه قد رأى [أداء] بعضها في الوقت وبعضها في غير الوقت أولى من أداء الكل بعد الوقت ؛ ولهذا المعنى في الطعام كذلك.
ولأبي حنيفة ـ رحمهالله ـ أن الظهار ليس يوجب الكفارة ؛ ولكن يوجب حرمة لا