وقوله ـ عزوجل ـ : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) من الناس من احتج لأبي حنيفة ـ رحمهالله ـ فيمن حلف لا يأكل فاكهة ، فأكل رمانا ، لا يحنث في يمينه ؛ لأنه احتج بهذه الآية في أن الرمان والرطب ليسا من الفاكهة ؛ لأنه عطفهما على الفاكهة ، والشيء لا يعطف على نفسه ، إنما يعطف على غيره ، هذا هو ظاهر الكلام ، إلا أن تقوم الدلالة على أنه مراده بالذكر وإن كان من جنسه ؛ لضرب من التعظيم وغيره ؛ كقوله تعالى : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : ٩٨] والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) قيل (١) : الحسان الخلق وحسان الوجوه ، يقال : امرأة خيرة ، ونسوة خيرات ؛ يقرأ بالتثقيل والتخفيف جميعا.
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : لكل مؤمن خيرة ، ولكل خيرة خيمة (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ).
قيل (٣) : محبوسات في الخيام ، لا يخرجن عن الخيام.
وأصله : ما ذكرنا أنهن يكن في الخيام لا يراهن غير أزواجهن ، وقاصرات الطرف ، أي : لا يرفعن بصرهن إلى غير أزواجهن ولا يشتهين غيرهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) هو قراءة العامة بغير الألف.
وعن عاصم الجحدري رفارف وعباقري ، قيل : الرفرف : المجلس ، وقيل : المجالس ، وقيل (٤) : الرياض الخضر ، وقيل : الخيام ، وقيل : هو فضول الفرش والبسط.
وأما العبقري : قيل (٥) : هو الزرابي ، وهو بالفارسية : النّخ.
وقال أبو عبيدة : العبقري : الطنافس الثخان ، وقيل لكل شيء من البسط : عبقري.
__________________
(١) ورد في معناه حديث عن أم سلمة ، قالت : قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قوله : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) قال : خيرات الأخلاق حسان الوجوه. أخرجه ابن جرير (٣٣١٧٢) والطبراني وابن مردويه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٢١١).
وهو قول قتادة وابن زيد.
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٣١٧١) وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٢١١).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٣٣١٨٨) وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٢١٢) وهو قول الضحاك والحسن وأبي صالح وغيرهم.
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه عبد بن حميد عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٢١٤).
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٣٣٢٣٥) ، (٣٣٢٣٦) وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٢١٤).