وقوله : (لا تَعْتَذِرُوا) ليس على النهي ، ولكن على التوبيخ والتعيير.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ).
يحتمل قوله : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) : أنكم لا تصلحون أبدا ؛ كما قال : (إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) [التوبة : ٩٥] الآية ، أخبر أنهم رجس وأن مأواهم جهنم.
وقيل : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) ، حين قال لهم : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً ...) [التوبة : ٤٧] إلى قوله : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) [التوبة : ٤٧] ، قالوا : وهذا الذي نبأنا الله من أخباركم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).
قال بعضهم : سيرى الله عملكم ورسوله فيما تستأنفون.
ويحتمل قوله : (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).
أي : سيرى الله ورسوله عملكم باطلا.
أو يقول : سيرى الله عملكم ، أي : يجزيكم جزاء عملكم ، ورسوله والمؤمنون يشهدون عليكم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ).
قد ذكرنا أنه ليس شيء يغيب عنه ، أو يكون شيء عنده أظهر من شيء ، ولكن ما يغيب عن الخلق وما لا يغيب عنده بمحل
واحد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
يخرج على الوعيد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ).
يحتمل قوله : (لِتُعْرِضُوا) ، أي : لتجاوزوا عنهم ولا تكافئوهم ، فيكون قوله : (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) لما سألوا من المجاوزة عنهم وترك المكافأة (١).
ويحتمل قوله : (لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) ، أي : لا تحاجهم ولا تشتغل بهم ؛ فإنهم
__________________
(١) هي مصدر كافأ ، يقال : كافأه على الشيء مكافأة وكفاء أي جازاه ، وكافأ فلان فلانا : ماثله.
واصطلاحا : عرف الراغب الأصفهاني المكافأة بأنها : المساواة والمقابلة في الفعل ، أو مقابلة نعمة بنعمة هي كفؤها.
وعرفها الجرجاني بأنها : مقابلة الإحسان بمثله أو زيادة.
ينظر : القاموس المحيط ، ولسان العرب مادة (كفأ) ، والمفردات في غريب القرآن (٩٣ ، ٤٣٧).