سورة الأنفال
بسم الله الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(١)
قوله ـ تعالى ـ : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).
اختلف فيه ؛ قال بعضهم (١) : الأنفال : هي المغانم التي يغنمها المسلمون من أهل الحرب(٢).
وقال بعضهم : الأنفال : هي الفضول عن حقوق أصحاب الغنائم (٣).
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٦٨) ، (١٦٩) عن كل من : عكرمة (١٥٦٣٩) مجاهد (١٥٦٤٠) ، (١٥٦٤١) ، الضحاك (١٥٦٤٢) ، (١٥٦٤٣) ، ابن عباس (١٥٦٤٤) ، (١٥٦٤٥) ، قتادة (١٥٦٤٦) ، ابن زيد (١٥٦٤٧) ، عطاء (١٥٦٤٨).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٩٥) وعزاه لابن أبي شيبة وأبي عبيد وابن المنذر عن ابن عباس ، ولابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(٢) وهم أهل كل بقعة تكون أحكام الكفر فيها ظاهرة ينظر : بدائع الصنائع (٧ / ٣٠ ، ٣١) ، والمدونة (٢ / ٢٢) ، كشاف القناع (٣ / ٤٣) ، والإنصاف (٤ / ١٢١).
(٣) اختلف العلماء فيما هي الغنيمة والفيء :
فقال بعضهم : الغنيمة : ما أخذ عنوة من الكفار في الحرب ، والفيء : ما أخذ عن صلح.
وهو قول الشافعي.
وقال بعضهم : الغنيمة ما أخذ من مال منقول ، والفيء الأرضون. قاله مجاهد.
وقال آخرون : الغنيمة والفيء بمعنى واحد.
فالغنيمة : اسم لما أخذه المسلمون من الكفار بإيجاف الخيل أو الركاب ، فما أخذه المسلمون من أهل الذمة أو من الكفار بغير إيجاف خيل ولا ركاب ، وما أخذه الذميون من أهل الحرب لا يسمى غنيمة ، ولا تجري عليه أحكامها.
وقد صح أن الغنيمة كانت محرمة في الشرائع السابقة ، وإنما أبيحت لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم خاصة ، قال تعالى في سورة الأنفال : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً) ، وعدّت ضمن ما فضل الله به الرسول صلىاللهعليهوسلم وذلك في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وهو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فضلت علي الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون» وروى البخاري عن همام ابن منبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه : لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها ، ولا أحد بنى بيوتا ، ولم يرفع سقوفها ، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات ، وهو ينظر ولادها ، فغزا فدنا ، من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس : إنك مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليهم ، فجمع الغنائم فجاءت ـ يعني النار ـ لتأكلها فلم تطعمها فقال : إن فيكم غلولا ، فليبايعني من كل قبيلة رجل فلزقت يد رجل بيده ، فقال : فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده ، فقال : فيكم الغلول ، فجاءوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب فوضعوها فجاءت النار فأكلتها ، ـ