أحدها : ما ذكر من فرحهم بالتخلف عن رسول الله.
والثاني : كراهيتهم الجهاد مع رسول الله وبخلهم بأموالهم.
والثالث : صدهم الناس عن الجهاد والخروج في سبيل الله بقولهم : (لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ).
جمع الله جميع خصال المنافقين في هذه الآية.
وقوله : (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ) ، ذكر المخلفون ، وهم كانوا متخلفين في الحقيقة ، لكنه يحتمل وجهين :](١)
مخلفون خلفهم الله ؛ لما ذكر أن خروجهم لا يزيدهم إلا خبالا ، وأنهم يبغون الفتنة خلفهم عن ذلك ؛ كقوله : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) [التوبة : ٤٦] قيل : حبسهم ؛ فعلى ذلك مخلفون خلفهم الله لما علم أن خروجهم لا يزيدهم إلا خبالا وفسادا.
ويحتمل : مخلفون خلفهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنهم لو أرادوا أن يخرجوهم كرها لقدروا على ذلك ، فهم كالمخلفين من هذا الوجه لما لو أرادوا إخراجهم أخرجوهم ، وإن كانوا متخلفين (٢) في الحقيقة.
وقوله : (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ) أي : مخالفة رسول الله ، وقرئ (٣) : خلاف رسول الله ، أي : فرحوا لقعودهم بعد خروج رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (بِمَقْعَدِهِمْ).
يحتمل : القعود ، أي : بقعودهم خلفه.
ويحتمل : (بِمَقْعَدِهِمْ) ، أي : موضع قعودهم ، وهو منازلهم وأوطانهم ، وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم ؛ لبخلهم وخلافهم الذي في قلوبهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) هذا في الظاهر يخرج على إظهار الشفقة للمؤمنين ، ولكن لم يكونوا (٤) أرادوا ذلك ؛ إنما أرادوا حبسهم عن الخروج في سبيل
__________________
(١) من أول قوله : «والله ، لئن ...» إلى هنا سقط فى أ.
(٢) في أ : مختلفين.
(٣) وهي قراءة ابن عباس وأبي حيوة وعمرو بن ميمون بفتح الخاء وسكون اللام. ينظر : الكشاف (٢ / ٢٩٦) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٦٦) ، والبحر المحيط (٥ / ٨١) ، والدر المصون (٣ / ٤٨٧) ، واللباب (١٠ / ١٥٩) ، والطبرى (١ / ١٣٩) ، ومفاتيح الغيب للرازى (١٦ / ١٤٩) ، ومعاني القرآن للأخفش (٢ / ٣٣٤).
(٤) في ب : يكن.