وقوله : (وَلَعَنَهُمُ اللهُ).
قيل : اللعن : هو الطرد في اللغة ، أي : طردهم عن رحمته.
(وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ).
لا يفارقهم البتة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً).
أي : هؤلاء المنافقون والكفرة كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وبطشا.
(وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً).
في الشاهد : إنما يدفع العذاب أو العقوبة لهذا ، وبه يتناصرون بعضهم من بعض ، ثم لم يقدروا على دفع ذلك عن أنفسهم ، فأنتم دونهم في القوة وما ذكر (١) ؛ كيف تقدرون على دفع ذلك ، هذا قد قيل.
وقيل : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) : أي : صرتم بما اخترتم من الأعمال كما (٢) صار أولئك بما اختاروا من الأعمال ، وكل أنواع الخلاف لله ، وتكذيب الرسل ، وتعاطي ما لا يحل ، فصرتم أنتم كما صاروا هم.
(فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ).
قيل (٣) : انتفعوا بخلاقهم ، أي : أكلتم أنتم الدنيا بدينكم كما أكل أولئك الدنيا بدينهم.
وقيل (٤) : (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) أي بنصيبهم من الدنيا ولم يقدموا شيئا للآخرة (٥).
والخلاق : النصيب ؛ كقوله : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) [آل عمران : ٧٧] أي : لا نصيب لهم.
وقال أبو هريرة (٦) : الخلاق : الدين ، وكذلك قال الحسن في قوله : (بِخَلاقِهِمْ) ، أي : بدينهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا).
أي : خضتم في الباطل والتكذيب كالذي خاض أولئك من الأمم الخالية.
__________________
(١) في ب : وكيف ما ذكر.
(٢) في ب : ما.
(٣) أخرجه بمثله ابن جرير (٦ / ٤١٣) (١٦٩٤٩) عن الحسن البصري وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٥٨) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٤) ذكره ابن جرير (٦ / ٤١٢) ، وكذا السيوطي في الدر (٣ / ٤٥٨) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
(٥) في ب : من الآخرة.
(٦) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٥٨) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن أبي هريرة.