قال أبو عبيدة (١) : قوله : (وَخُضْتُمْ) ، أي : لعبتم (كَالَّذِي خاضُوا) ، أي : لعبوا بالتكذيب.
(أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
فلا ثواب لها في الدنيا والآخرة ؛ لأنها كانت في غير إيمان ، فثواب الأعمال إنما يكون في الآخرة بالإيمان.
(وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).
خسرانا مبينا ، وبطلان أعمالهم في الدنيا لما يقبل واحد من الفريقين من المؤمنين والكفار صنيعهم ؛ لأنهم يرون من أنفسهم الموافقة لكل واحد منهما ، وما كانوا مع واحد من الفريقين ؛ كقوله : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) [النساء : ١٤٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ...) إلى آخره.
يحتمل هذا وجهين :
أحدهما : قوله : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ) ، أي : قد أتاهم خبر الذين من قبلهم وما حلّ بهم وما انتقم الله منهم ؛ بتكذيبهم الرسل وسعيهم في قتلهم وهلاكهم ، وهم من جنس أنفسكم ، وأشد قوة وبطشا منكم (٢) ، وأنتم تقلدونهم في ذلك ، ثم حل بهم ما حل بتكذيبهم [الرسل](٣) والخلاف لهم ، فأنتم دونهم في كل شيء ، وأقل منهم في القوة والبطش ـ أولى بذلك أن يصيبكم.
و [الثاني] : يحتمل قوله : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي : يأتيهم نبأ الذين من قبلهم وما حل بهم ؛ كقوله : ألم تر كذا ، أي : سترى ؛ فعلى ذلك هذا يحتمل ، وهو حرف وعيد ، يحذرهم ما حل بأولئك ؛ ليمتنعوا عن مثل صنيعهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ).
قال أهل التأويل (٤) : [هى](٥) قربات لوط .. مؤتفكات : أي منقلبات.
قال القتبي (٦) : ائتفكت ، أي انقلبت.
__________________
(١) ذكره بمعناه السيوطي في الدر (٣ / ٤٥٨) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة.
(٢) في ب : من أنفسكم.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ٤١٤) (١٦٩٥١ ، ١٦٩٥٢) عن قتادة وذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٣١٠) ، وكذا أبو حيان في البحر (٥ / ٧٠).
(٥) سقط في أ.
(٦) ذكره أبو حيان في البحر (٥ / ٧٠) ونسبه للواحدي ، وكذا الرازي في تفسيره (١٦ / ١٠٣).