ليركبها ، أنه يخرج من الغناء بما حدث له من الحاجة إلى الركوب ، وكان له أن يأخذ من الصدقة عندنا لا يستغني عما هو له ، وإنما الغني من استغني عما (١) يملكه.
فكذلك الغارم على العرف قد تحدث له الحاجة إلى أكثر مما يملك ، وصار ممن يجوز أن يعان ، وإن كان ملكه الذي كان به غنيّا قبل ذلك لم ينقص ، فهذا ـ والله أعلم ـ يحتمل.
وابن السبيل ـ أيضا ـ ما ذكرنا من الخبر ألا تحل الصدقة لغني إلا لابن السبيل ومن ذكر معه ، وعلى ذلك اتفاق الأمة ، وهو ما قيل : المجتاز من أرض إلى أرض.
وعن ابن عباس (٢) ـ رضي الله تعالى عنه ـ في تأويل قوله : (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) : هو المسافر. وهو ما ذكرنا أنه المنقطع عن ماله وإن كان غنيّا في مقامه ، والفقير الذي يجوز أن يعطى من الصدقة.
روي عن الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «للسائل حق وإن جاء على فرس» (٣).
وعن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أعطوا السائل ولو جاء على فرس» (٤).
وجاء في بعض الأخبار عن رسول الله قال : «لا يسأل عبد ـ أو قال : أحد ـ مسألة ما يغنيه إلا جاءت يوم القيامة خدوشا (٥) وكدوحا (٦) في وجهه» قيل : يا رسول الله ، وما ذا
__________________
(١) في ب : عمن.
(٢) انظر : المحرر الوجيز (٢ / ٥٧).
وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٩٥) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس.
(٣) أخرجه أحمد (١ / ٢٠١) وابن خزيمة (٢٤٦٨).
(٤) لم أجده من حديث أبي هريرة ولكن يروى من حديث زيد بن أسلم مرسلا أخرجه :
ـ مالك في الموطأ (٩٩٦) كتاب الصدقة باب الترغيب في الصدقة (٣).
ـ عبد الرزاق في المصنف (١١ / ٩٣) (٢٠٠١٧).
وذكره الهيثمي في الزوائد (٣ / ١٠٤) وعزاه للطبراني في الصغير والأوسط عن الهرماس بن زياد وقال : وفيه عثمان بن فائد وهو ضعيف.
(٥) خدش الجلد : قشره بعود أو نحوه ، خدشه يخدشه خدشا ، والخدوش جمعه ؛ لأنه سمي به الأثر وإن كان مصدرا.
ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر (٢ / ١٤).
(٦) الكدوح : الخدوش. وكل أثر من خدش أو عض فهو كدح ، ويجوز أن يكون مصدرا سمي به الأثر.
والكدح في غير هذا : السعي والحرص والعمل.
ينظر : النهاية في غريب الحديث (٤ / ١٥٥).