الكيد له ، والمكر به ، ويؤمن للمؤمنين بما يخبرونه من قبل أولئك المنافقين من الطعن فيه ، والعيب عليه ، والإيمان بآخر هو التصديق بجميع ما فيه ، والإيمان له من خبره وحديثه.
وقوله : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ).
فيما يشهدون في الآخرة له بالتبليغ إليهم ؛ كقوله : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : ٦] أو أن يكون قوله : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ، أي : يؤمن بالمؤمنين فيما بينهم بالأخوة في الدين ؛ كقوله : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) [التوبة : ١١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ).
كان صلىاللهعليهوسلم رحمة للمؤمنين ؛ لما استنقذهم من الكفر إلى الإيمان ، ومن الهلاك إلى النجاة ، يشفع لهم في الآخرة بإيمانهم في الدنيا.
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
في الآخرة ، بقية من الآية الأولى.
وقوله : (وَالْغارِمِينَ).
جعل الله الغارم موضعا للصدقة ، وهو الذي عليه الدين والغرم من أي وجه لحقه ؛ [و](١) على ذلك روي في الخبر عن نبي الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن المسألة لا تحل إلا لإحدى (٢) ثلاث : من فقر مدقع (٣) ، أو غرم مفظع ، أو لذي دم موجع» (٤).
وفي بعض الأخبار : «إن الصدقة لا تحل إلا لخمس : للعاملين عليها ، أو رجل اشتراها ، أو غارم ، أو غاز في سبيل الله ، [أو فقير تصدق عليه فأهداها لغني]» (٥).
وروي عن الحسن ، والحسين وابن عمر ، وابن جعفر (٦) أن رجلا سألهم شيئا فقالوا :
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : بإحدى.
(٣) دقع دقعا : ساء احتماله للفقر ويقال : فقر مدقع : شديد مذل. ينظر المعجم الوسيط (١ / ٢٩٠).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٢ / ٤٢٦) (١٠٦٨٣) عن حبشي بن جنادة السلولي مرفوعا.
(٥) أخرجه أبو داود بمثله (٢ / ١١٩) في الزكاة باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني (١٦٣٥) وابن ماجه (١ / ٥٨٩ ، ٥٩٠) في الزكاة باب من تحل له الصدقة (١٨٤١) عن عطاء بن يسار مرسلا ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٤٥٢) وعزاه لابن أبي شيبة وأبي داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد بمثله.
(٦) هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي أحد الأجواد (كان يسمى بحر الجود) ولد بأرض الحبشة وله صحبة مات سنة ثمانين وهو ابن ثمانين.
انظر ترجمته في : تهذيب الكمال (٢ / ٦٧٠) ، وتهذيب التهذيب (٥ / ١٧٠ ، ٢٩٤) ، وتقريب التهذيب (١ / ٤٠٦) (٢٢٨) ، وخلاصة تهذيب الكمال (٢ / ٤٦) ، والكاشف (٢ / ٧٧) ، وتاريخ البخاري الكبير (٣ / ٧ ، ٥ / ٧).