__________________
ـ أطراف الشام عرضا. وقال أبو عبيدة : هي من حفر أبي موسى إلى اليمن طولا ، ومن رمل يبرين إلى منقطع السماوة عرضا.
قال الخليل : إنما قيل لها : (جزيرة العرب) ؛ لأن بحر الحبش وبحر فارس والفرات قد أحاطت بها ، ونسبت إلى العرب ؛ لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها.
وقول الإمام أحمد : (جزيرة العرب : المدينة وما والاها) يريد مكة واليمامة وخيبر والينبع وفدك ومخاليفها وما والاها. وهذا قول الشافعي ؛ لأنهم لم يجلوا من تيماء ولا من اليمن.
قلت : وهذا يرد قول سعيد بن عبد العزيز : إنها ما بين الوادي إلى أقصى اليمن ، إلا أن يريد أوله. وحديث أبي عبيدة صريح في أن أرض نجران من جزيرة العرب ، فإنه قال : «أخرجوا أهل نجران ويهود أهل الحجاز من جزيرة العرب». وكذا قوله لعلي ـ رضي الله عنه ـ : «أخرج أهل نجران من جزيرة العرب».
قال أبو عبيد : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال : جاء أهل نجران إلى علي ـ رضي الله عنه ـ فقالوا : شفاعتك بلسانك ، وكتابك بيدك ؛ أخرجنا عمر من أرضنا فردها إلينا صنيعة فقال : ويلكم إن عمر كان رشيد الأمر ، ولا أغير شيئا صنعه عمر. قال أبو معاوية : قال الأعمش : فكانوا يقولون : لو كان في نفسه عليه شيء لاغتنم هذا.
قلت : وهذا يدل على أن حديث علي ـ رضي الله عنه ـ الذي ذكرناه قبل غير محفوظ ، فإنه لو كان عنده عن النبي صلىاللهعليهوسلم أمره بإخراج أهل نجران من جزيرة العرب ، لم يعتذر بأن عمر قد فعل ذلك ، وكان رشيد الأمر ، أو لعله نسي الحديث أو أحال على عمر ـ رضي الله عنه ـ قطعا لمنازعتهم وطلبهم.
فإن قيل : فأهل نجران كان النبي صلىاللهعليهوسلم قد صالحهم وكتب لهم كتاب أمن على أرضهم وأنفسهم وأموالهم ، فكيف استجاز عمر ـ رضي الله عنه ـ إخراجهم؟ قيل : قد قال أبو عبيدة : إنما نرى عمر قد استجاز إخراج أهل نجران وهم أهل صلح ؛ لحديث يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم فيهم خاصة ، يحدثونه عن إبراهيم بن ميمون مولى آل سمرة عن ابن سمرة عن أبيه عن أبي عبيدة بن الجراح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان آخر ما تكلم به أن قال : «أخرجوا اليهود من الحجاز ، وأخرجوا أهل نجران من جزيرة العرب».
فإن قيل : زدتم الأمر إشكالا ، فكيف أمر بإخراجهم وقد عقد معهم الصلح؟ قيل : الصلح كان معهم بشروط ، فلم يفوا بها ، فأمر بإخراجهم. قال أبو عبيد : (وإنما نراه قال ذلك لنكث كان منهم ، أو لأمر أحدثوه بعد الصلح). قال : (وذلك بين في كتاب كتبه عمر ـ رضي الله عنه ـ إليهم قبل إجلائه إياهم منها ، حدثنا ابن أبي زائدة عن ابن عون قال : قال لي محمد بن سيرين : انظر كتابا قرأته عند فلان بن جبير ، فكلم فيه زياد بن جبير ، قال : فكلمته فأعطاني ، فإذا في الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عمر أمير المؤمنين إلى أهل رعاش كلهم ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإنكم زعمتم أنكم مسلمون ، ثم ارتددتم بعد ، وإنه من يتب منكم ويصلح لا يضره ارتداده ، ونصاحبه صحبة حسنة ، فادكروا ولا تهلكوا ، وليبشر من أسلم منكم ، فإن أبي إلا النصرانية فإن ذمتي بريئة ممن وجدناه بعد عشر تبقى من شهر الصوم من النصارى بنجران. أما بعد ، فإن يعلى كتب يعتذر أن يكون أكره أحدا منكم على الإسلام أو عذبه عليه إلا أن يكون وعيدا لم ينفذ إليه منه شيء. أما بعد فقد أمرت يعلى أن يأخذ منكم نصف ما عملتم من الأرض ، وإني لن أريد نزعها منكم ما أصلحتم).
وقال الشيخ في (المغني): (فأما إخراج أهل نجران منها : فلأن النبي صلىاللهعليهوسلم صالحهم على ترك الربا ـ