كقوله : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد : ٧] ، أي : إن تنصروا أولياءه ينصركم ، أو (١) إن تنصروا دينه ينصركم ، أو إن تنصروا رسوله ينصركم ؛ فعلى ذلك قوله : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) [آل عمران : ١٤٢] ، أي : ليعلم أولياءه المنافق المرائي ، والمؤمن المحقق المخلص ، وليبين لهم ، كقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) [البقرة : ٩] أي : يخادعون أولياءه إذ (٢) الله لا يخادع ولا ينصر ؛ إذ هو ناصر كل أحد ، ولا يخفى عليه شيء ، عالم بما يكون في وقت ما يكون.
أو أن يكون المراد من العلم الذي ذكر المعلوم ، وذلك جائز في اللغة جار ، وفي القرآن كثير.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً).
أي : لم يجدوا ملجأ يلجئون إليه من دون ما ذكر ، ولو وجدوا ذلك لاتخذوا ذلك ، ولكن لما لم يجدوا لم يتخذوا ؛ كقوله : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ* لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً) الآية [التوبة : ٥٦ ـ ٥٧] ؛ أخبر أنهم لو وجدوا ملجأ يلجئون إليه لولوا ، ولا يظهرون ذلك.
وقوله : (وَلِيجَةً) قال بعض أهل الأدب : الوليجة (٣) : البطانة من غير المسلمين ، وأصلها من الولوج ، وهو أن يتخذ الرجل من المسلمين دخيلا من المشركين وخليطا ودودا ، وجمعه : الولائج.
وقال البعض (٤) : الوليجة أصلها من الدخول ؛ كقوله : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] يقال أيضا : فلان وليجة فلان ، أي : خاصته.
وقال بعضهم (٥) : الوليجة : الخيانة.
وقال بعضهم : الوليجة : ما يلجأ إليه.
وقال بعضهم (٦) : كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة ؛ وبعضه قريب من
__________________
(١) في أ : وإن.
(٢) في أ : إن.
(٣) الوليجة : الدخيلة ؛ يقال : فلان وليجة فلان ، أي بطانته ، أي يداخله في أموره. وقال الراغب : والوليجة : كل ما يتخذه الإنسان معتمدا عليه ، وليس من قولهم : فلان وليجة في القوم : إذا دخل فيهم وليس منهم ، إنسانا كان أو غيره.
ينظر : عمدة الحفاظ (٤ / ٣٨٩).
(٤) أخرجه ابن جرير (٦ / ٣٣٣) (١٦٥٦٣) عن الربيع بن أنس بنحوه ، وفي ب : بعضهم.
(٥) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٩٠) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة وكذا البغوي في تفسيره (٢ / ٢٧٣) ونسبه لقتادة.
(٦) ذكره ابن جرير (٦ / ٣٣٣) وكذا البغوي (٢ / ٢٧٣) ونسبه لأبي عبيدة.