مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : يوم القيامة لا ليلة له. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحّاك مثله.
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩) ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦))
أفرد سبحانه المهاجرين بالذكر تخصيصا لهم بمزيد الشّرف ، فقال : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) قال بعض المفسرين : هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة. وقال بعضهم : الذين هاجروا من الأوطان في سرية أو عسكر ، ولا يبعد حمل ذلك على الأمرين ، والكلّ في سبيل الله (ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) أي : في حال المهاجرة ، واللام في (لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً) جواب قسم محذوف ، والجملة خبر الموصول بتقدير القول ، وانتصاب رزقا على أنه مفعول ثان ، أي : مرزوقا حسنا ، أو على أنه مصدر مؤكدة ، والرزق الحسن : هو نعيم الجنة الذي لا ينقطع ، وقيل : هو الغنيمة لأنه حلال ، وقيل : هو العلم والفهم ؛ كقول شعيب : (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) قرأ ابن عامر وأهل الشام «ثم قتّلوا» بالتشديد على التكثير ، وقرأ الباقون بالتخفيف. (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) فإنه سبحانه يرزق بغير حساب ، وكل رزق يجري على يد العباد لبعضهم البعض ، فهو منه سبحانه ، لا رازق سواه ولا معطي غيره ، والجملة تذييل مقرّرة لما قبلها ، وجملة (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ) مستأنفة ، أو بدل من جملة ليرزقنهم الله. قرأ أهل المدينة «مدخلا» بفتح الميم ، وقرأ الباقون بضمّها ، وهو اسم مكان أريد به الجنة ، وانتصابه على أنه مفعول ثان أو مصدر ميمي مؤكد للفعل المذكور ، وقد مضى الكلام على مثل هذا في سورة سبحان. وفي هذا من الامتنان عليهم والتبشير لهم ما لا يقادر قدره ، فإن المدخل الذي يرضونه هو الأوفق لنفوسهم والأقرب إلى مطلبهم ، على أنهم يرون في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وذلك هو الذي يرضونه وفوق الرضا. (وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ) بدرجات العاملين ومراتب استحقاقهم (حَلِيمٌ) عن تفريط المفرطين منهم لا يعاجلهم بالعقوبة ، والإشارة بقوله : (ذلِكَ) إلى ما تقدّم. قال الزّجّاج : أي الأمر ما قصصنا عليكم من إنجاز الوعد للمهاجرين